تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - قال: إلا ما حرم الله عز وجل في كتابه أو على لسان نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فإن ما حرم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لزم في كتاب الله عز وجل أن يحرم، ويحرم ما لم يختلف المسلمون في تحريمه، وكان في معنى كتاب أو سنة أو إجماع».

5 - قال رحمه الله تعالى في جماع العلم: «قال فهل من إجماع؟ قلت: نحمد الله كثير في جملة الفرائض التي لا يسع جهلها، وذلك الإجماع هو الذي لو قلت: أجمع الناس لم تجد حولك أحدا يعرف شيئا يقول لك ليس هذا بإجماع، فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها، وفي أشياء من أصول العلم دون فروعه ودون الأصول غيرها، فأما ما ادعيت من الإجماع حيث قد أدركت التفرق في دهرك ويحكى عن أهل كل قرن فانظره أيجوز أن يكون هذا إجماعا».

الفقرة الثانية: مناقشة المخالفين

أولا: فأما قول الشافعي لا ينسب لساكت قول فالمراد به والله أعلم على سبيل التعيين، قال الزركشي: «ومعناه لا ينسب لساكت تعيين قول، لأن السكوت يحتمل التصويب أو تسويغ الاجتهاد أو الشك، فلا ينسب إليه تعيين، وإلا فهو قائل بأحد هذه الجهات قطعا …». ومنهم من حمله محملا آخر لكنه عندي بعيد، قال إلكيا: «وقول الشافعي لا ينسب لساكت قول أراد به ما إذا كان السكوت في المجلس، ولا يتصور السكوت إلا كذلك» وصرح بذلك أيضا ابن التلمساني في شرح المعالم.

والنص الثاني الذي وردت فيه هذه العبارة قد ورد فيه أيضا ما يدل على حجية الإجماع السكوتي حيث قال الشافعي في آخره: ومتى كانت عامة من أهل العلم في دهر بالبلدان على شيء أو عامة قبلهم قيل يحفظ عن فلان وفلان كذا ولم نعلم لهم مخالفا ونأخذ به ولا نزعم أنه قول الناس كلهم لأنا لا نعرف من قاله من الناس إلا من سمعناه منه أو عنه. قال: وما وصفت من هذا قول من حفظت عنه من أهل العلم نصا واستدلالا». أقول قد ورد هذا في نفس النص لدفع فرضية التفريق بين القديم والجديد، والتي ينفيها أيضا أن النصوص التي أوردنا في الفرع الأول كلها من الجديد.

ثانيا: أما من يتمسك بالقسم الثاني من النصوص فدعواه أكبر من نفي الإجماع السكوتي، وهي أنه لا إجماع إلا في علم العامة دون الخاصة، وهذا القول باطل لم ينقل عن الشافعي مع كثرة الاختلاف عليه إلا في هذا العصر المتأخر، ولازم هذا القول أن لا إجماع إلا في منصوص لأن علم العامة منصوص ونصوصه متواترة لا تكاد تخفى، والإجماع الذي تحدث الشافعي عن حجيته في الرسالة هو ما لم يكن فيه نص، قال الشافعي فيها: «فقال لي قائل: …فما حجتك في أن تتبع ما اجتمع الناس عليه، مما ليس فيه نص حكم لله ولم يحكوه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ أتزعم ما يقول غيرك أن إجماعهم لا يكون أبدا إلا عن سنة ثابتة وإن لم يحكوها؟ قال فقلت له: أما ما اجتمعوا عليه فذكروا أنه حكاية عن رسول الله فكما قالوا إن شاء الله، وأما ما لم يحكوه فاحتمل أن يكون قالوه حكاية عن رسول الله واحتمل غيره، ولا يجوز أن نعده حكاية لأنه لا يجوز أن يحكى إلا مسموعا، ولا يجوز أن يحكي أحد شيئا يتوهم يمكن فيه غير ما قال». وكذلك هو معارض بكل ما ذكرنا في الفرع الأول، لأجل ذلك أرى والله أعلم أن الذي قصده الشافعي هو الإجماع القطعي الذي يقطع أن كل واحد لابد أن يكون قائلا به، فيرجع قصده بهذه الكلمات هو القصد نفسه من كلمة لا ينسب لساكت قول بل قد ساقهما مساقا واحدا في النص الثاني الوارد في اختلاف الحديث والله أعلم. وفيما يلي بعض الإجماعات التي نقل الشافعي في علم الخاصة فيما أرى:

1 - قال في رد مذهب الحنفية في المياه: «فأدخلت عليه ما وصفت من إجماع الناس فيما علمته على خلاف ما ذهب إليه منه ومن ماء المصانع الكبار والبحر فلم يكن عنده فيه حجة».

2 - احتج على جواز الصلاة في الأوقات المنهي عنها إذا كانت ذات سبب بقوله: «ثم إجماع الناس في الصلاة على الجنائز بعد العصر والصبح».

3 - قال في عدم توريث العبد بكل حال: «نعم لم يخالفنا مسلم علمناه في أنه إذا بقي في العبد شيء من الرق فلا يرث ولا تجوز شهادته، فقلنا لا يرث بحال بإجماع».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير