س: ما هو التأويل عند السلف وعند الفرق المخالفة؟
ج: التأويل عند السلف يأتي بمعنى:
1 - ما تؤول إليه حقيقة ذلك الشيء ومصيره وعاقبته.
2 - معرفة ذلك الشيء وفهم تفسيره وبيانه، وكثير من المفسرين يستعمل كلمة التأويل بمعنى التفسير.
وقد ورد ذكر كلمة التأويل في القرآن الكريم في عدة آيات، قال تعالى: (ذلك خير وأحسن تأويلا)، أي هو أحسن مآلا وعاقبة، ومنه قوله تعالى: (هل ينظرون إلا تأويله)، أي عاقبة تأويله وحقيقته، وورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى، حيث روى سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم)، فقال: ((أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد))، أي لم يأت وقت ظهور حقيقة العذاب وما تؤول إليه عاقبة المخالفين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))، أي فهمه معرفة الدين.
وأما المعتزلة والجهمية وغيرهم من فرق المتكلمين فمرادهم بالتأويل: صرف اللفظ عن ظاهره وحقيقته إلى مجازه وما يخالف ظاهره، وهذا هو الشائع في عرف المتأخرين من أهل الأصول والفقه.
س: ما هي أنواع التأويل الباطل؟
ج: 1 - ما لم يحتمله اللفظ بوضعه، كتأويل قوله صلى الله عليه وسلم: ((حتى يضع رب العزة عليها رجله)) بأن الرجل جماعة من الناس، فإن هذا لا يعرف في شيء من لغة العرب ألبته.
2 - ما لم يحتمله اللفظ ببنيته الخاصة من تثنية أو جمع، وإن احتمله مفردا كتأويل قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) بالقدرة.
3 - ما لم يحتمله سياقه وتركيبه وإن احتمله في غير ذلك السياق، كتأويل قوله: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) بأن إتيان بعض آياته التي هي أمره.
4 - ما لم يؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب وإن ألف في الاصطلاح الحادث، كقول الله تعالى: (ثم استوى على العرش) بأن المعنى أقبل على خلق العرش.
5 - ما ألف استعماله في ذلك المعنى لكن في غير التركيب الذي ورد به النص، فيحمله المتأول في هذا التركيب الذي لا يحتمله على مجيئه في تركيب آخر يحتمله، وهذا من أقبح الغلط والتلبيس، ومثل لهذا بتأويل اليد بالنعمة، والنظر إلى الله بانتظار الثواب.
6 - كل تأويل يعود على أصل النص بالإبطال فهو باطل، كتأويل قوله صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل))، بحمله على الأمة، فإن هذا التأويل مع شدة مخالفته لظاهر اللفظ يرجع على أصل النص بالإبطال وهو قوله: ((فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها)).
3 - جهل أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية بمعنىتوحيد الألوهية:
س: كيف يقسم المتكلمون التوحيد؟
ج: المتكلمون حينما يقررون الكلام في التوحيد يقسمونه إلى ثلاثة أقسام، فيقولون: ((هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له))، وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث وهو توحيد الأفعال، ويجعلون توحيد الربوبية – الذي لم يوجد فيه نزاع بين الأنبياء وأممهم – هو أهم أقسام التوحيد وأوجبها معرفة، وقرروا أن معنى لا إله إلا الله: لا قادر على الاختراع والخلق والإيجاد إلا الله.
4 - تعطيل النصوص عن مدلولاتها:
س: ما هو اعتقاد السلف في باب الأسماء والصفات؟
ج: 1 - نثبت لله تعالى كل الأسماء الحسنى.
2 - نثبت له كل الصفات الواردة في القرآن الكريم.
3 - نثبت أن لله في كل صفة المثل الأعلى والأكمل.
4 - الإيمان بكل ما جاء من صفات الله تعالى إلى التفصيل الذي ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.
5 - أن نثبت معاني كل أسماء الله وصفاته، ونتوقف عن الخوض في كيفياتها، لأن الله لم يخبرنا بذلك.
5 - جدول مختصر لبيان صفات الله تعالى وتأويل الخلف لها (وما من صفة من الصفات إلا وللسلف دليل على ثبوتها لله تعالى) كما في الجدول الآتي:
الصفة
دليل ثبوتها
تعطيل الخلف لها
نفس الله
قال تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة)، وقال صلى الله عليه وسلم: " يقول تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي فإن ذكرني في ملأ ذكرته قي ملأ خير منهم ".
زعموا أن الله لا يصح وصفه بذلك، وإنما أضاف النفس إليه مثل إضافة سائر الخلق إليه.
علم الله
قال تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مفاتح الغيب خمس: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت).
لا يؤمنون بصفة العلم ومن الغريب أنهم يقولون: إن الله هو العالم وينكرون أن لله علماً مضافاً إليه من صفات الذات.
الوجه لله تعالى
قال تعالى: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من ابتغى وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر كله".
نفوا أن يتصف الله بالوجه وأولوه بمعنى نفس الذات، أي ويبقي ذات ربك أو يبقى ثوابه أو هو بمعنى القبلة.
عين الله
قال تعالى: (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال "إنه أعور وإن الله ليس بأعور".
لا يثبتون هذه الصفة ويؤولونها بحجة أنها مرة جاءت بلفظ الإفراد ومرة بلفظ التثنية متجاهلين أنها أسلوب من أساليب العرب في لغتهم.
العلو
قال تعالى: (أأمنتم من في السماء)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم للجارية:" أين الله؟ قالت: في السماء".
ينكر المعطلة صفة العلو , ويزعمون أن الله في كل مكان بذاته, وأولوا الفوقية أنها بمعنى فوقية القدر والعظمة.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وسأضع الأجزاء كلها إن شاء الله تعالى بعد أسبوعين في ملف نصي واحد إن يسر الله ذلك، والحمد لله رب العالمين.