2) الإيمان بالكتابة: وأن كل شيء كتب ودون في اللوح المحفوظ. قال الله تعالى (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) (القمر53,52)
وقال تعالى (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد22)
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء) رواه مسلم (4).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب فجرى بتلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة) رواه أحمد والترمذي (5).
3) الإيمان بالمشيئة: وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يمن. قال الله تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير29)
وقال تعالى (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) (البقرة من الآية255)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس رضي الله عنهما (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك , ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك , رُفعت الأقلام وجَفت الصحف) (6)
وللشافعي أربعة أبيات يقول عنها ابن عبدالبر إنها من أثبت ما نسب إليه , ومن أحسن ما قيل في القدر نظماً:
ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقتَ العباد على ما علمتَ ... وفي العلم يجرى الفتى والمسن
على ذا مننتَ وهذا خذلتَ ... وهذا أعنتَ وذا لم تُعِن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن
4) الإيمان بالإيجاد والخلق: وأن الموجد الخالق للأشياء كلها هو الله تعالى كما قال تعالى (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة1).
وقال تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (الزمر62)
وقال تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (الصافات96)
فهذه مراتب القدر , وليس هناك مخلوق إلا ويمر بهذه المراتب , وهذه المراتب لا إيمان بالقدر إلا بالإيمان بها , وكل مرتبة منها عليها عشرات الأدلة من الكتاب والسنة , وجمعها أحدهم في بيت واحد فقال:
[ color=deeppink] علمٌ كتابهُ مولانا مشيئتُه ... وخلقُه وهو إيجادٌ وتكوينٌ [/ cololr]
وإن شاء الله غداً تتمت البيت الحادي والعشرون
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مسلم برقم 1
(2) برقم 96 مرفوعا
(3) مسلم برقم 2655
(4) مسلم برقم 2653
(5) أحمد في المسند برقم23083 والترمذي برقم2155 وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2017
(6) أخرجه الترمذي برقم25106 وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم7959
ـ[العوضي]ــــــــ[15 - 08 - 03, 01:48 ص]ـ
ثم إنه قد نشأ في الأمة فرقتان ضلتا في هذا الباب. فرقة كان ضلالها بنفي القدر , وأخرى بالغلو في إثباته , وكلاهما على طرفي نقيض , وكلا طرفي قصد الأمور ذميم , وخير الأمور الوسط.
وغلاة منكري القدر كانوا ينكرون القدر بمراتبه الأربعة , وهؤلاء ذكر غير واحد من أله العلم أنهم انقرضوا , ثم صار أمر خَلَفِهم إلى إثبات العلم والكتابة وإنكار المشيئة والإيجاد , فيقولون (إن الله علم فعل الإنسان وكتبه ولكنه لم يشأه ولم يوجده وإنما خلقه الإنسان)
وكان أحمد رحمه الله يقول (ناظروا القدرية بالعلم فإن جحدوه كفروا وإن أقروا به خصموا) وهؤلاء يسمون القدرية النفاة , وهم المعتزلة وهو الذين ورد فيهم أنهم مجوس هذه الأمة , لقولهم بخالقين , كالمجوس الذين قالوا بإثبات خالقين النور والظلمة , والمعتزلة أثبتوا خالقين: الله وهو خالق الأعيان , والإنسان وهو خالق أفعاله.
¥