أَخبرنا أَبو الفرج الثقفي بإسناده عن ابن أَبي عاصم قال: حدثنا بكر بن عبد الوهاب أَبو محمد العثماني، حدثنا زياد بن نصر، عن سليم بن مطير، عن أَبيه، عن أَبي الشموس البلوي قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فوَجَدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلنا على بئر ثمود، فَعَجَنا واستقينا، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن نُهَرق الماءَ، وأَن نطرَح العجين وننفِرَ، وكنت حَسَيتُ حسيةَ لي، فقلت: يا رسول الله، ألقمُها راحلتي? قال: " ألقمها إيهاها ". فهرقنا الماءَ، وطرحنا العجين، وتفَرنا حتى نزلنا على بئر صالح عليه السلام. أخرجه الثلاثة.
قلت: وأما الرحبة: لا تزال معروفة؛ موضع من ناحية خيبر وهي من ديار بني رشيد وعنزة اليوم؛ وبجوارها برمة: موضع معروف قرب الأبرق وهي لعنزة وامرائها بطن الخريقات منهم.
كنت طلبت من الأخ مصعب الجهني تفصيلاً لما أورده من رد مجمل فلم يفعل.
وقد أرسل إلي الأخ الباحث: عبدالله بن علي بن فايع العسيري هذا الرد على ما أورده الأخ مصعب:
(الأخ مصعب الجهني رأيت تعليقك على دراسة العلامة / حمد الجاسر في شأن وادي الديدان الواقع جنوب بلدة العلا وعلاقته بوادي الحجر، وتخطئتك لكامل دراسته حول هذا الموضوع، مصدرا تعليقك بقولك: هذا التحليل كله خطأ من أوله لأخره. والحقيقة أن تعليقك كذلك لا يخلو من التعقب، وبيان ذلك:
أولا: حديث الشيخ كان عن الوادي الواقع جنوب العلا بنحو 55 كيلا، وأظهرت من تعليقك أن الشيخ لا يقول بدخول العلا ضمن وادي القرى الذي يدخل من ضمنه الحجر، وهذا غلط على الشيخ وتلبيس لميراثه، فهذا الشيخ يقول في هامش تحقيقه لكتاب المغانم المطابة في معالم طابة للفيروز آبادي، ما نصه: {المفهوم من كلام المتقدمين أن وادي القرى هو العلا والحجر وما بقربهما} ولكان لما كان من منهج الشيخ فيما يؤلفه عن صفة الإرض المشاهدة المباشرة، ولا يكون مكتفيا بما يستخرجه من بطون الكتب كما صنعت أنت، وجد أن موضع الحجر والموضع المشار إليه جنوب العلا لا ينظمهما وادي واحد، فكانت النتيجة التي ذكر في تحليله، والحقيقة أن الشيخ رحمه الله أصاب في عدم ألحقه لوادي الديدان الواقع جنوب بلدة العلا بوادي الحجر،وأيده بقوله: أن هذا الوادي ليس متصلا من حيث الجوار بوادي الحجر الذي قرر العلماء أخيرا عدم سكناه. بل أفادنا قوله:
< بل يفصل بينهما مسافة من الأرض تقارب خمسين كيلا، بل تزيد > بأنه قد وقف عليها بنفسه، فهذا هو الواقع وعين اليقين الذي أعطته المشاهدة، وكما قيل: لا يسأل بأين مع رأي العين، ومهما كانت الوثائق التي وقفت عليها فإنها لا تقبل مع الواقع الذي يخالفها خاصة إذا كانت من معالم الطبيعة الثابتة كالجبال والوديان، والشيخ رحمه الله قد وقف على ما هو أقدم مما وقفت عليه من المصادر، ولكن الشأن كما قال الإمام الأستاذ / محمد عبده كما في أعماله الكاملة {2/ 417} في مقال له عن كتب المغازي:
(وعلى أي حال فلا يستغني مطالع التاريخ عن قوة حاكمة يميز بها بين ما ينطبق على الواقع وما ينبو عنه).
فالحال كما قال علامة الجزيرة ومؤرخها، ومن خالف فإنما يصدق في حاله قول من قال:
أيها المنكح الثريا سهيلا ¤
عمرك الله كيف يلتقيان ¤
هي شامية إذا ما استهلت ¤
وسهيل إذا استهل يماني ¤
ثم لا يكفي الإنسان النقل من الأسفار فإنه يقع فيها أحيان الإجمال والإبهام، ولبس الأمر على المتأخرين خاصة فيما لم يعاينوه، ورحم الله شمس الدين أبا العريف المالكي حين قال:
من لم يشافه عالما بأصوله ¤
فيقينه في المشكلات ظنون ¤
الكتب تذكرة لمن هو عارف¤
وصوابها بمحالها معجون ¤
من أنكر الأشياء دون تثبت ¤
وتيقن فمعاند مفتون ¤
¥