لايصبح صحيحا ويمسي ضعيفا فانى لي ذلك"
فلا يكلف الله نفسا الا وسعها .. فان كنت قد بذلت وسعك فلا يضيرك أن مت معتقدا صحة حديث وقد قال البعض بضعفه! وكم من الصحابة من مات وهو لا يعلم كثيرا من الأخبار الغيبية اذ لم تصل اليه، أو ربما وصله منها شيء ولكن من طريق من لا يثق فيه عدالة أو ضبطا، فرده مع أن له طرق صحيحة قد علمها ثقات آخرون .. فهل يضيرهم ذلك؟؟
ثم يا أخانا ما تتكلم عنه أكثره ما وقع الخلاف في صحته بين المتقدمين من أهل الحديث، والا فما اتفق على صحته - فضلا عما وقع عليه الاجماع - لا يخالف المتأخرون فيه طرفة عين! ولا يزال المتأخرون يرجحون بين الأقوال فيما وقع فيه الخلاف فيغير الواحد منهم مذهبه بحسب ما انتهى اليه علمه ونظره، والا فليس للمتأخرين أن يحدثوا في الرجال قولا جديدا ليس لهم فيه سلف، لا الألباني ولا من هو أعلم منه من المتأخرين له ذلك .. لأنهم أصلا لا يتلقون العلم بالرجال الا من كتب المتقدمين، ولولا التتلمذ على أثر من سلف من أئمة الحديث المجمع على امامتهم وفقههم وحفظهم لما كان للمتأخرين من اداة ينظرون بها أصلا!
فقولك يصبح الحديث صحيحا ويمسي ضعيفا هذه مبالغة ذميمة تنطوي على طعن واضح في مناهج أهل الحديث، فانتبه!
ويا أخي أنظر واقرأ وتعلم، وحرر النظر، تبرأ ذمتك، ولا عليك بأن خالف من خالف ورأى ضعف ما صححته أنت أو صحة ما ضعفته أنت، ما دمت قد أفرغت الوسع وعلم الله منك في ذلك خيرا، فالمجتهد المخطئ له أجر وللمصيب أجران، فأنت اذ ذاك ما بين الأجر والأجرين، فمم تخاف؟؟
فان قلت لي أنا أتكلم عن عامة المكلفين لا خاصتهم من العلماء المجتهدين، قلت لك تلك قضية النظر في رخصة التقليد، والتي هي كرخصة أكل الميتة، والآخذ بها، قد أدى فرضه ولا عليه أن خالف أحد المجتهدين قول المجتهد الذي قلده هو على ما ذهب اليه، وان كان موضوع الحديث خبر من أخبار الغيب والعقائد! هذا والله أعلم وأحكم
أرجو أن يكون قد زال عندك الاشكال .. "
فداخلنا أخ آخر قائلا:
"يا أخي الكريم: قولك انه بتركنا ما لم يتواتر من العقائد تركنا ثلثي الملة .. سامحني .. فيه الكثير من المبالغة، فإن أمور مبادئ العقيدة وأصولها قد نزل به القرآن، فالتعريف بالرب عز وجل وصفاته وأفعاله وسنته في خلقه ودلائل وحدانيته وإثبات الميعاد وأحداث القيامة والحديث عن الرسل والملائكة وغير ذلك قد اوضحه الله عز وجل في مئات الآيات أو آلافها.
أما المثال الذي ذكرت من الأمر بتوحيد الله عز وجل ونبذ الأوثان، فلم يعتمد النبي صلى الله عليه وسلم على الأفراد في نقله حيث:
أولاً: كان الكافة والعامة من الناس قد تواتر لديهم الأخبار بأ هناك نبي جديد قد ظهر يأمر بنبذ الأوثان والأصنام وعبادة الله وحده لا شريك له.
ثانياً: أن الأفراد الذين كانوا مرسلين من قبل النبي صلى الله عليه وسلم كان معهم القرآن.
يا سيدي، لو ان رجلاً - معلوم صدقه وأمانته وضبطه - أتاك الآن وأخبرك أن نبياً قد ظهر وأن معه معجزات وأن شرائع الاسلام قد نسخت ودعاك الى هذا الدين الجديد، هل تؤمن له لمجرد أنه صادق أمين ضابط؟؟؟!!!
إن الله عز وجل في اعلامه خلقه بشريعته ودينه، لم يرتض ان يكون ذلك بخبر واحد، لذلك فقد أيد كل نبي بمعجزة لتدل على صدقه ولتفيد اليقين عند من يدعوهم
" فمَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " رواه البخاري ............. فتدبرإ"
فقلت:
"تقول: " فإن أمور مبادئ العقيدة وأصولها قد نزل به القرآن"
وأقول الله المستعان! بأي حجة فرقت بين المبادئ والأصول وبين ما قد يكون في نظرك أنت من الفروع؟ هل قال بهذا التقسيم أحد من السلف أو الصحابة رضي الله عنهم؟؟ هل عندك نقل واحد عن أي واحد منهم يقول ما في القرءان هو الأصول أما ما جاءنا من خبر واحد فمن الفروع أو مما قد أغنانا القرءان عنه؟؟؟
من أين جئت بهذا المنهج وما دليله من فعل الصحابة والسلف؟؟
((قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين))
¥