والذي أطالبك به هو اثبات أنه رضي الله عنه تحرى قول الكثرة اذ رد عليها قولها هذا! فان كانت الاحتمالات تتكافأ، فلماذا نحمل على الاحتمال الذي يلزم منه الطعن في عدالة الرواي ورد روايته، مع أن الأصل هو العدالة والصدق؟؟ هل فهمت مأخذنا على هذا المنهج يا أخي الكريم؟
أما حديث أن الميت يعذب في قبره، فقد وردت روايتا أيضا بأنها تأولته رضي الله عنها، ولم ترده .. وان كانت ردته فقد أخطأت، لأن عمر رضي الله عنه قد رواه على جمع من الصحابة ولم ينكره أحد، وقد كثرت طرقه في البخاري ومسلم عن عمر وغيره! فلماذا تصر على أن نحمل - عند كثرة الاحتمالات - على الاحتمال الأنكر والأكره والذي يكذب به الصحابي غيره من الصحابة فيما ينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم؟؟ ألا ترى ما يلزم من هذا المنهج؟؟
أما قولك "فالمعجزات مثل الخوارق قد تأتي بها الشياطين!!!!!! كبرت كلمة تخرج من فيك"
سبحان الله! أي كلمة التي كبرت يا أخي الكريم؟ ثم تقول أنني أتشنج؟؟! هداك الله وأصلحك! ان كنت فهمت أنني أقصد أن المعجزات لا أثر لها ولم تكن سببا في ايمان قوم وثبوت الايمان عند قوم آخرين، وأني أستوي بما أقول مع الذين ردوا المعجزات ونسبوها الى السحر استكبارا عن الحق بعدما جاءتهم بيناته، فلا تلزمني بسوء فهمك لكلامي، ولا أملك الا أن أقول انا لله وانا اليه راجعون!!
"وقولك ان المعجزات للمكذبين افتراء واضح، فما الذي جعل سحرة فرعون يؤمنون غير المعجزة"
لا أقول بأنها للمكذبين فقط، وانما هي برهان اضافي، قد تزيد المؤمن ايمانا وقد تزيد الكافر كفرا، وأكثر ما تكون، تكون لاقامة الحجة على المكذبين! فالمستكبر الذي يأبى قبول حجة الحق التي جاء بها النبي، سيقول هذا سحر! أما الذي كره ما عليه قومه وكان في نفسه ميل لقبول الحق، اذا جاءته المعجزة من النبي، وقضى الله في أمره خيرا، كانت له برهانا يحمله على الايمان .. وتأمل اذ قال السحرة لفرعون: ((إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)) [طه: 73]
فهم لما رأوا المعجزة التي أيد الله بها موسى، فاءوا الى الحق، وشهدوا بعد ذلك على أنفسهم بأنهم كانوا كارهين لما كانوا عليه تحت فرعون! والا فلو شاء الله ألا يؤمنوا لما ازدادوا الا استكبارا على استكبارهم ولقالوا كما قال فرعون، وقد رأى ما رآه السحرة: ((إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ)) [طه: 71]! فتأمل يا رعاك الله ولا ترمني بسوء فهمك لكلامي!
وليس هذا موضوعنا على أي حال، فأرجو ألا نتفرع ونبتعد عن أصل المسألة أكثر من هذا ..
والله المستعان، ولا حول ولا قوة الا بالله! "
ـ[أبو الفداء بن مسعود]ــــــــ[26 - 07 - 08, 02:06 م]ـ
ثم أضفت قائلا:
وأضيف بشأن مثال عمر رضي الله عنه وفاطمة بنت قيس الذي ذكرته أنه قد تكون علة عمر رضي الله عنه التي بها رد الحديث هي أنه لم يرجح كلامها عنده على ما علمه هو بنفسه من قول أو فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو عن طريق آخر أوثق عنده منها .. ولو أنني جاءني خبران ظاهرهما التعارض من اثنين أثق في دينهما وضبطهما، ولم أتمكن من الجمع بينهما ولا بوجه واحد، فقد لا أجد حينئذ الا قبول قول الأوثق عندي منهما، حتى أسلم من احتمال أن يكون قد وقع وهم أو خطأ من قبل المفضول (وهو ما توجه اليه غلبة الظن والحال هكذا) .. فلو أن عمر لم يعلم في مثالنا هذا من هو أوثق أو أضبط منها عنده ليحتمل عنه هذا الخبر في ذات الأمر لم يسعه اذا الا أن يقبله منها .. ولكنه قبل خبر من هو أوثق .. وهذا يوافقه أصل عند أهل الحديث أنهم عند تعارض رواية راو ثقة مع من هو أوثق منه، فانهم يقدمون رواية الذي هو أوثق ..
فهل في ذلك ما يدل أو حتى يوحي من بعيد، بأن عمر ترك كلامها لأنه خالف نصا آخر قد ثبت عنده بالتواتر، لفظا أو معنى؟؟ أو أنه رده لمخالفته لظن اجتهده هو في نفسه مما حصل لديه مسبقا من العلم؟؟ هل تستطيع أن تثبت هذا؟؟
يا أخي الحبيب أنا أطالبك بأن تأتينا بمثال من الصحابة لا يمكن تأويله بالجمع بين النصوص أو على الوجوه التي استقر على مثلها مذهب أهل الحديث في شأن خبر الواحد، وأن تثبت لنا أن سبب رد الصحابي لخبر الواحد فيما تسوق الينا، هو مخالفته لأصل عنده أو لنحو ذلك مما نحاه أصحاب الرأي في ذلك الباب!! والا فالأصل في المسلمين البراءة والعدالة ما لم يترجح في الراوي ما يصرفنا عن قبول رواية له ينفرد بها، سواءا كانت في العقائد أو في العبادات .. فان جعلت ذلك الصارف هو اجتهادنا نحن بآرائنا، وما نعده من الأصول وكذا، فهذا هو ما لا زلت أطالبك بسوق الدليل عليه مما وقع من الصحابة .. والله المستعان ..
وعندئذ حذف الموضوع من الألوكة لأن الاخوة المشرفين هناك رأوا أن كلام بعض الأعضاء فيه قد خالف منهج أهل السنة والجماعة في مسألة حجية حديث الآحاد وأصول الحديث بصفة عامة، ولم أرتض منهم هذا الحذف، وفقهم الله وجزاهم عن الأعضاء خيرا، لأن الشبهة لا تزال عالقة في نفوس هؤلاء الاخوة هناك ومن تأثر بكلامهم، هدانا الله واياهم، والله المستعان.
¥