أوّلا: لا ننسى أنّ ابن النّجار حنبليٌّ، وأنّ الحنابلة قد انتهجوا منهج المُتكلّمين في كُتُبهم الأصوليّة – سيّما المتأخرون منهم- ولا شَكّ أنّ المرداوي، كتب كتابه على هذا الأصل، وكذا أيضا فعل الشّارح من بعده، وإن كان قد اقترب من طريقة الجمع بين الطريقتين (الجمع بين طريقة المتكلّمين والفقهاء ... ) ومعنى ذلك أنّه يُعنى بإيراد القاعدة الأصوليّة بصرف النّظر عن تداعياتها وتطبيقاتها في الفروع.
ثانيًا: ما نقلته أنت بنفسك في موضِعٍ آخر عن كِتاب ابن النّجار (رحمه الله تعالى) أنّه يتخيّر الرّاجح ولا يَنقُل غيره إلا عن الضّرورة مع الإشارة إلى ذلك .... هذا في باب الأصول وليس في باب الفقه ..... فلك أن تناقشه في المسألة الأصوليّة ما إن كان الحنابلةُ يأخذون بِها أم يردّونها ..... فهو يَنقُل أن راجح مذهب الحنابلة في الأصول أنّ الاستقلال بالمعنى أولى من الإضماااااااار ..... هذا هو صُلبُ المسألة ... وأراك قَد انتقَلت إلى مُناقشة المسألة على غير أصل حَملِها .... فهل الواو للتَنويعِ أم للتّرتيب .....
ثالثًا: ابن النّجار لم يُناقش المسألة من هذا الباب، فمن المعروف أنّ راجح مذهب الحنابلة مع الجمهور على خلاف التّخيير – وإن كُنت أظَنّ أن شيخَ الإسلام ابن تيميّة (رحمه الله) على خِلاف ذلِك فيكُن هذا من آثار ابن تيميّة على المرداوي وقد كان المرداوي شديد الإعجاب والتذتبع لابن تيميّة (رحمهما الله) كما تعلم. ابن النّجار يرى أن الاستقلال أولى لأنّك إن افترضت الإضمار كأنّك تفترض أن اللفظ معوزٌ إلى ما يُفسّره وما دام مُفسّرا بذاتِه فإنّ إضمار كَلامٍ في السّياق تقوّل بِكِتاب الله تعالى بغير عِلم.
رابِعًا: إن مُناقشة ما إذا كانت الواو للتخيير أم لا، يصِحّ فقط في حال ثبت الاستقلال وهو ما افترضَه ابن النّجار ... لكن هذا لا يعني لزومه ضرورة ......
خامسًا: لمّا طبَق ابن النّجار رحمه الله راجح المذهب في الأصول وجده يلتقي مع رواية في الفروع نُقلت عن الإمام (رضي الله عنه) وقد نقلتها أنت بنفسك ... فكأنّه أمّل وعوّل عيها في ترجيحه في الأصول ... فقد كان غاااااية في الةاء لأصول الحنابلة عِندما أثبت الراجح في الأصول وإن تعارض هذا َمعَ بعض الروايات المُفتى بِها في فروع المَذهب
هذا والله تعالى أعلى وأعلم
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[13 - 12 - 08, 08:19 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على مروركم
ولنعرض الإشكال بصورة أخرى ...
مذهب الحنابلة كما هو معروف أن عذاب المحاربين يتنوع بحسب تنوع أفعالهم؛ فيقدروا محذوفا في الآية، أي: ليقتلوا: إن قتلوا؛ أو تقطع أيديهم إن سرقوا وهكذا.
فهل هذا موافق أم مخالف لأصولهم في آية المحاربة من أن الأصل الاستقلال وعدم الإضمار أو تقدير محذوف.
فهل خالفوا هنا لدليل اقتضى ذلك؟
كيف نخرج هذه الفرع على أصول الحنابلة ... وإنما سميت الأصول أصولا لبناء الفروع عليها.
تنبيه:
أثر ابن عباس رضي الله عنهما لا يثبت:
عن ابن عباس انه قال في قطاع الطريق: (إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف)
أخرجه الشافعي في "مسنده" (ص/336) ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (8/ 283) عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - به، وهذا إسناد ضعيف جدا، إبراهيم قال عنه ابن حجر: متروك.
ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (10/ 109) حديث رقم (18544)، ومن طريقه الدارفطني في "سننه" (3/ 138) حديث رقم (172)، والبيهقي في "الكبرى" (8/ 283) من طريق إبراهيم بن أبي يحيى عن داود عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه، وإبراهيم متروك، وداود ثقة إلا في عكرمة.
ورواه الطبري في "التفسير" (10/ 257 - 258)، والبيهقي في "الكبرى" (8/ 283) من طريق محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية ثنا أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن بن عباس بنحوه، وهذه سلسلة تسمى سلسلة العَوْفيين سلسلة العجب، وهي سلسلة ضعيفة.
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/ 4) حديث رقم (29018)، والطبري في "تفسيره" (10/ 260 - 261) من طريق حجاج بن أرطأة عن عطية العوفي عن ابن عباس بنحوه، والحجاج قال عنه ابن حجر: "صدوق كثير الخطأ والتدليس" وقد عنعنه، وعطية، وهو جد جد محمد بن سعد المذكور في السلسلة السابقة، وقال عنه الذهبي في "الكاشف": "ضعفوه" وقال ابن جر: " صدوق يخطئ كثيرا، و كان شيعيا مدلسا" وقد عنعنه.
وعليه فمدار هذا الأثر على إبراهيم بن أبي يحيى، وعطية العوفي فلا يتقوى بالطرق، وقد ضعفه الشيخ الألباني في "الإرواء " (8/ 92 - 93).