تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[15 - 07 - 09, 03:07 م]ـ

وقفات من سيرة العلامة ابن جبرين رحمه الله

لجينيات

من سنن الله الكونية أن جعل لكل شي في هذه الحياة نهاية، وجعل لكل أجل كتاب، ولولا ذاك لما استمرت الحياة.

إن هذه الحياة دنيا كما سمّاها الله، ولكن جعلها مزرعة للآخرة، فمع صغر هذه الحياة، إلا أنها هي السبيل للنجاة من جحيم الدنيا والآخرة، ما أقلّها من دنيا يفرط فيها الكثير، بل يعيش الناس فيها في غفلة وفي سكرة لا يفيقون إلا حين يفجأوهم الأجل، فيندمون ولات ساعة مندم، "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون" "لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون"

والعبرة كل العبرة في المصير والمآل، وفي الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مرت على النبي صلى الله عليه وسلم جنازة فأثنى عليها الناس خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم "وجبت" ثم مرت على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرها الناس بسوء فقال النبي صلى الله عليه وسلم "وجبت" فسأل الصحابة رسول الله "كيف ذلك؟ " فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنتم شهداء الله في أرضه " شهدتم على الأولى بالخير فوجبت لها الجنة، وشهدتم على الأخرى بالسوء فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في أرضه " فلنسأل أنفسنا: ما الذي سيقوله الأخيار عنا بعد مفارقة الدنيا؟ "لأن المصطفى خاطب خير الناس (خير الناس قرني)

وإنّ الله إذا أحب عبداً فسح له أبواب خيره وفضله وإنعامه وأسباب السعادة في الدنيا والآخرة، ويُلقي قبل ذلك وأثناءه وبعده حبّه في قلوب خلقه كما صحّ بذلك الخبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم "إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحبّه، فيحبّه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض"

إخوة الإيمان: فقدنا قبل أيام قليلة عالم جليل، محدّث بارع، وفقيه مدرك لمتغيرات الواقع، وداعية محتسب، ومجاهد مناضل، وأبٌ حنون للفقراء والمساكين، وهو الشيخ الجليل عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، لن أتحدّث لكم عن سيرته فليس هذا مجال سرد عطرها، ولن أتحدّث لكم عن عمره، فإن عمره لم ينته بعد لأن الذكر للإنسان عمر ثاني.

ولكن حسبي أن أقف وقفات عجلى تهمّنا مع حياة هذا الرجل العظيم:

أولاً: كان رحمه الله عالماً عظيماً يقدّر لأهل العلم قدرهم، فلا يسخط لاختلاف العلماء ولا يفسّر هذا الاختلاف بأنه اختلاف تضادّ ولا يوافق على تصنيف الناس من خلال اجتهاداتهم، ولا يقلّل من قدر عالمٍ بسبب اختلاف فقهي، فلم يُعرف عن الشيخ كثرة ردوده على مخالفيه، مع أنه هؤلاء الذين يختلف معهم في عمر أولاده وصغار طلابه، ومع ذلك لم يكن أبداً يحقّر من شأنهم بسبب العمر أو المكانة العلمية أو الشهادة الأكاديمية التي كان يحملها رحمه الله، بل كان يقدّر اختلافهم، ويحفظ لهم مكانتهم، وتعظم شخصيته – رحمه الله - أيضاً أنه يعطي للعامة مكانتهم، فلا يُبخس أحداً مكانه بحضرته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

ثانياً: تكمن عظمة المرء حين يتخلى عن حظوظ نفسه، يرفعه الله درجات في الدنيا في عيون خلقه، والآخرة خيرٌ وأبقى، فلم يُعرف عن الشيخ أنه انتصر لنفسه قط، بل كان رجلاً متواضعاً جداً، قابلتُه مراراً فيأبى تقبيل رأسِه إلا بإصرارٍ بالغٍ ممن يقابله، بل روي عنه أنه يقبّل رأس بعض طلابه، من إجلالهم وتقديرهم.

ثالثاً: عرف عن الإمام الجهبذ تفانيه في نشر العلم، فيجوب المدن والقرى في سبيل نشر العلم، فيُلبّي دعوة القرى والهجر في سبيل نشر العلم، فقد كان رحمه الله يحمل همّ الدعوة إلى الله سبحانه، همةًً تفوق الوصف والذكر، فقد انطلق مع أول قافلة للدعاة عام 1380 هجري للحدود الشمالية، وإلى وقت قريب لا يكاد يعرف عنه أنه رفض دعوة أحد، وهو يقدر على تلبيتها قط – رحمه الله – وكان رحمه الله يحمل روح المبادرة في الدعوة إلى الله، وكان قائداً في هذا الميدان لا يُشقّ له غبار، تلجأ إليه الجهات الدعوية ببعض الفتاوى لكونه ألصق بعملهم وبميدانهم ولديه تصوّر كافٍ لما يحملونه من رسالة وما يعانونه في الميدان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير