ومكتبه مفتوحان وأذنه صاغية, ورع تقي فكان قريباً من الناس، له حضور أخاذ لدى المستمع والمشاهد. كما أن رغبته في العلم والدعوة أخذت جل اهتمامه ووقته .. لا يهدأ، ذخيرته إيمانه بالله وحبه لإتقان العمل .. وصدقه في البحث عن كل طرائق العمل الإسلامي .. التي تصله بالناس أينما كانوا. ومعاملة الصغير والكبير على حد سواء بالرفق واللطف واللين والحنكة والمساواة, وسرعة الإنجاز في الأعمال, وكان يأتي إلى عمله مبكراً ولا يخرج حتى ينهي ما لديه من أعمال ويبذل جهده ووقته لخدمة العلم وطالبه ويدعم الجمعيات الخيرية, ويعطف على الفقراء والمساكين والمحتاجين وييسر لهم أمورهم ويسد لهم حاجاتهم بقدر ما يستطيع .. ويجل العلماء وطلاب العلم ويدنيهم منه ويحترم آراءهم، ويُجادل بالتي هي أحسن ويدفع السيئة بالحسنة. رحمه الله رحمة واسعة.
فإن كان فضيلته قد رحل عن هذه الدنيا الفانية بعد عمر أفناه في العلم والبحث الدؤوب لنشره بين الناس والعمل الصالح المتواصل الذي لا ينقطع، فستبقى بحوثه ومؤلفاته ومآثره العلمية وخصاله الحميدة وأعماله الجليلة وذكره الحسن الطيِّب، وما خلفه من علم وأخلاق فاضلة وسيرة عطرة تشهد على علو مكانته وقدره ومحبة الناس له. أفنى عمره في طلب العلم والدعوة إليه.
إن موت العلماء ثلمة وأي ثلمة. وذهابهم مصيبة وأي مصيبة. إنهم ينفون عن الناس غلو الغالين وانتحال المبطلين. هم النجوم الدراري التي تضيء في العتمات للساري.
(ففز بعلم تعش حياً به أبدا
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر)
قال الشافعي (دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ
وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي
فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ
وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً
وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاء)
فخالص عزائي وصادق مواساتي لجميع أولاد الفقيد وإخوانه وأسرته وذويه وأرحامه وأقاربه وأصدقائه ومحبيه وزملائه وطلابه، سائلاً المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمد الفقيد الغالي بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، أنت خلقتنا ولك محيانا وإليك مماتنا، لا رادّ لقضائك يا رب العالمين .. (ولله ما أخذ ولله ما أعطى ولا حول ولا قوة إلا بالله). كل من عليها فان.
كاتب وأستاذ أكاديمي وعضو المصالحة وعضو التحكيم
[email protected]
http://www.al-jazirah.com/167083/fe33.htm
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[16 - 07 - 09, 06:23 ص]ـ
الأمة تبكي عالمها وفقيهها الجليل
خالد عبدالعزيز الحمادا
العلماء هم قاعدة التماسك وصمام الأمان، وهم وقودها وقناديل طرقها ودروبها، هم رصيدها ومصدر إمدادها وتغذيتها الذي لا يجف ولا ينضب .. ومن كانت هذه صفتهم وهذا دورهم فلا شك أن فقدهم مؤلم ورحيلهم محزن ..
واليوم تبكي وتتألم وتودع عالمها الجليل وشيخها الكبير فضيلة العلاَّمة الشيخ الدكتور عبدالله بن جبرين -رحمه الله- الذي وافته المنية ورحل إلى جوار ربه ظهر يوم الاثنين 20 - 7 - 1430هـ.
رحل فضيلة الشيخ .. ودعنا الفقيه الصادق المخلص، فارقنا بعدما أنشأ مدرسة وأسس جيلاً وعلَّم طلاباً وخلَّف حلقات علم ومجالس درس ما برحت تعطي وتنتج .. ودعنا العالم الكبير وأرَّث لنا مكتبةً تشع علماً وتضيء نوراً .. فنعم الموروث ..
رحم الله شيخنا وبلَّغة الفردوس الأعلى، فمنذ أن قدم إلى هذه الدنيا ودرج على هذه الأرض وهو في رحلة الطلب وميادين البحث وحلقات الدرس .. حفظ القرآن وعمره اثنتا عشرة سنة وأمَّ المصلين في سن مبكرة، ودرس على أبيه وعلى الشيخ الشثري، قرأ مجموعة من الكتب العلمية وحفظ وحضر شرح المتون العلمية، ثم بعد ذلك حصل على درجة الماجستير والدكتوراه من المعهد العالي. وسيرة الشيخ ورحلته الطويلة المثمرة المليئة بالإبداع والإنجاز والإمتاع لا تكفيها هذه الخطوط ولا تحدها هذه الطور وإنما هي مشاعري وخواطري التي جاشت عند سماع وفاة هذا العالم الفاضل فأحببت أن أجسدها على الورق وأمدها على السطور كلمات باكية آسفة على فقد هذا العالم الجهبز ورحيل الناصح المخلص .. فوداعاً أيها الشيخ الزاهد والمربي الفاضل والمعلِّم الصادق .. عيون الأمة تدمع وقلبها يحزن لرحيلك وغيابك وفراقك لكن هناك شيئاً لم يرحل وأثراً سيبقى فقد
¥