وأسأل الله تَعَالَى أن يبارك في هذا الجهد الَّذي لا أريد منها إلا نيل الأجر من الله تَعَالَى، والبر برجل من أهل العلم العاملين، والمساهمة في حفظ تاريخ منطقتنا الحبيبة وتراثها العلمي الَّذِيْ تفرَّق كثير منه تَفَرُّقَ أَيْدِي سَبَأ،، بسبب إهمال الأسر لإرث آبائهم، والتقصير من بعض طلبة العلم في جمع تراث منطقتهم وإخراجه للنَّاس.
أبو عبد الرحمن البركي
خَالِدُ بْنُ عُمَرَ الفَقِيْهُ الغَامِدِيُّ
محرَّم 1429 هـ
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[22 - 07 - 09, 09:00 ص]ـ
أحسن الله عزاءكم في وفاة الشيخ.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[22 - 07 - 09, 09:49 ص]ـ
عظَّم الله أجرك أخي الشيخ أبا معاذ، والشَّيخ فقيد على أهل المنطقة كلهم، رحمه الله وغفر له، وألحقنا به وببقية علمائنا في الصَّالحين
اسمه وولادته
هو: مُحَمَّد بن علي جمَّاح بن مُحَمَّد آل حيا الغَامِدِيّ
كان مولده في مدينة بلجُرشي في قرية الجلحيَّة عام 1336 هـ (1)
وقد عاش في كنف والده الفقيه (2) الشَّاعر علي جمَّاح رحمه الله (3)، الذي كان له شرف وسؤدد، وكان صاحب رأي ومشورة، وكان خطيبا بارعا طلق اللسان حاضر البديهة، وشهرته في المنطقة كبيرة خاصة في قصائد الحكمة والوعظ والتحاور مع القبائل المجاورة، فقد كان التصدُّر له، لقوَّة علاقته بحكَّام بلجرشي حينها.
وقد أخبر الشَّيخ عن نفسه أنه رعى الغنم لمدة تتراوح بين الخمس و السِّتِّ سنوات، فلما أحسَّ والده بتعبه من رعيها، تشارك بها مع رجل آخر يرعاها مع غنمه، ليريح ابنه من هذه المهنة الشَّاقة لمن عرفها ومارسها.
وبسبب الشُّحِّ والفاقة الَّتِيْ سادت في المنطقة فقد كان كثير منهم يهاجر إلى الحبشة لطلب المعيشة هناك، وإرسال الأموال إلى الأهل في منطقتهم، لتسدَّ فاقتهم، وكان هَذَا حال كثير من أبناء المنطقة في ذلك الوقت، وقد سافر الشيخ وأخوه عبد الله، وبقي مدة عامين ثم رجع إلى بلجرشي وتزوَّج وبقي سنة، ثم رجع إلى الحبشة مرة أخرى وبقي بها عددا من السنين، وكان في مدينة (أسمرة) عاصمة أريتيريا.
ثم عاد إلى بلجرشي بطلب من والده رَحِمَهُ اللهُ، حيث إنَّه أرسل له بعض الأبيات الشعرية يستحثُّه فيها على إدراكه قبل موته، قَالَ فيها:
البَدع
مُحَمَّد ان كان في رَاسَكْ تَرَى شِيْمَهْ == فَعُدّ يَوْمَك وَلَيْلَكْ مِن لَيَالِيْنَا
وِانْ كَانَ زَانَتْ لَكَ الايَّام شَيِّنْهَا == وَلا تُقُلْ أَيِّ شَهْراً مَاتْ فِيْه آبِي
الرَّد
مَا لِي بخطَّكْ وَلاَ نِبْغِي تَرَاشِيْمَهْ ====== يَا كَمْ نَلاَلِي وَلاَ سَرَّتْ لَيَالِيْنَا
لِقِيْت شَيْ مَا الكُتُبْ يَامُر وَشَي يَنْهَى == نَهَيْتْ قَلْبِي يتُبْ مَالحُزْن مَا تَابِي
أي إن كنت شهمًا، وترى أن عندك شيمة ومروءة ومحبة لوالدك وبرّا به، فتعال إليه في أقرب وقت وأسرعه، ولا تتأخر عن الإجابة، فلا تصل إلا بعد موته، ثم تأتي وتسأل النَّاس، متى كانت وفاة والدي في أي يوم وفي أي شهر.
ويقول في الرد: ما نريد خطَّك في الرَّسائل ولا نريد زخرفته، وكم ننشد الألحان للقصائد ولم ينفع عن نسيانك والشوق إليك، وأنه يدافع قلبه في شِدَّة الحزن على فراق ولده، فلم يَتُب من ذلك، لشدَّة حبه له وتأثره بفراقه.
وقد كانت له محبَّة خاصَّة عند والده رَحِمَهُ اللهُ منذ صغره، وكان يبادل والده تلك المحبَّة، فكان حريصا على مرافقته في زياراته، للمشايخ وغيرهم، وكان يقود الدَّابة الَّتِيْ يركبها والده رَحِمَهُ اللهُ.
وقد بقي مع والده رَحِمَهُ اللهُ حتَّى توفِّي في رمضان عام 1366 هـ، وقد حزن الشيخ على والده رَحِمَهُ اللهُ فراق حزنا شديدا.
ـــــ
(1) حسب الحفيظة، ورأيت في ترجمته في موسوعة التعليم في منطقة الباحة أن مولده 1342 هـ، والناس يؤرخون هذه السنين بما يسمى " هجة خالد " الَّتِيْ حصلت عام 1340 هـ، فيقولون قبل الهجة وبعد الهجة، وهي مجزرة ارتكبها خالد بن لؤي في أهالي بلجرشي، بسبب وشاية بعض الخونة، أن أهالي بلجرشي نقضوا البيعة، ورجعوا لبيعة الشريف في مَكَّةَ، وقد استباح على إثرها دماءهم وأموالهم، وأحرق بيوتهم، وشرَّدهم من المنطقة.
(2) سألت الشيخ حفظه الله عن والده، مَنِ المَشَايِخُ الذين درس الفقه على يديهم؟
فَقَالَ إنه لا يعرف أنَّ والده درس الفقه على شيخ
أقول: هذا الوصف كان يطلق في المنطقة غالبا على الَّذِيْ يقرأ ويكتب لأهل القرية، ويصلح بينهم ونحوها من الأمور.
(3) له ترجمة قصيرة جدا في كتاب " غامد وزهران وانتشار الأزد في البلدان " لإبراهيم الحسيل الغَامِدِيّ ص 357، وهو من شعراء الحكمة والإصلاح في المنطقة، وقصائده كثيرة جدا، جمعها ابنه الشيخ مُحَمَّد حفظه الله قبل عام 1400 من الهجرة، ثم فقدت كلَّها، وأخبرني الشيخ أنه أعاد جمع بعضها وعنده منها الآن قرابة مائة صفحة مكتوبة، سأقرؤها عليه إن شاء الله، لنصححها، ثم أطبعها وأعيدها للشيخ ليقرأها ويوافق عليها لتكون جاهزة للطباعة في أي وقت إن شاء الله.
¥