حادي الأرواح وأطلق عليَّ الشيخ محمود عيد رحمه الله لقب عاشق الجنة من كثرة ذكري لها وتذكيري بها.
في هذه الفترة كذلك تعرفت على أحب الأخوة إلى قلبي وهو الدكتور عادل عبد الغفور .. وكانت بداية محبتي له ومعرفتي به رؤيا رأيتها في حجرة مسجد السلام وتحقق ما رأيته .. رأيت كأنني أقول له: يا عادل أنا أحبك جداً وأتمنى ن تبقى معي في المسجد يومين، فقال لي في الرؤيا سوف أستأذن والدتي وأحضر وكان إذن والدته من أصعب الأمور لأنها أسرة طيبة متدينة وكانت والدته وهي سيدة فاضلة كريمة حريصة عليه وعلى أخيه عماد ولكن بقدر الله U وافقت والدته وبقي معي في المسجد يومين وتأكدت محبتنا في الله U.
وأذكر أنني كنت عائداً من الكلية وفي غاية الفرح لرؤية قميص أخي عادل الذي نساه بالحجرة وتجددت معاني كثيرة مما نقرأه في محبة السلف وإيثارهم وكلما امتد بنا العمر تزداد هذه المحبة بفضل الله U والشيخ عادل ممن يشهد له بالعلم والعمل نحسبه ممن يتقي الله U أسأل الله أن يديم محبتنا فيه وهو الآن من أفراد أهل العلم بالقاهرة.
المهم هذه الفترة وهي نهاية الدراسة بالجامعة وكذا سنة الامتياز كانت مرحلة فاصلة في حياتي وإلى هذا الحد كان العمل ما يزال تحت اسم الجماعة الإسلامية والكل يعمل تحت هذه الراية ولكن العقيدة هي عقيدة السلف والذين يوجهون الفكر بالجماعة الإسلامية هم أعلم الناس بفكر ومنهج السلف ..
ثم كان من تقدير الله U أن بدأ الشيخ محمد بن إسماعيل في إنشاء المدرسة السلفية وذلك بعد أن رأى أنه تأهل للدعوة والتصدي لتعليم الناس وكانت بداية المدرسة السلفية درس عام يوم الخميس في مسجد عمر بن الخطاب وذلك قبل أن يكتمل بناؤه وكانت هناك حلقة بمسجد عباد الرحمن ببوكلى صبح الجمعة وكان الحضور في هذه الحلقة لا يتجاوز العشرة أفراد ولم يكن معنا أحد قادة الدعوة السلفية الآن وكان الشيخ محمد يحفظنا متن العقيدة الطحاوية وكذا تحفة الأطفال وكلفني بتدريس مدارج السالكين شرح منازل السائرين. ثم توقفنا عن ذلك خشية ترويج مصطلحات الصوفية وكان ذلك قريباً من تأثير جماعة الإخوان على القيادات الحركية للجماعة الإسلامية.
ثم لما طلبوا منا الاستخارة للانضمام إلى الإخوان رفض الشيخ محمد كما ذكرت الانضمام للإخوان المسلمين لأن المرشد مجهول وكان معه إخوة محرم بيه .. وهددوا الشيخ بالتشهير بهم على المنابر والتضييق عليهم، فلم يخضع لهذا التهديد واستمر في دعوته ..
في هذه الأثناء دخلت الجيش ولي فيه قصة قد يطول شرحها ولكن أرجو أن يكون في ذلك عبرة وعظة وأسأل الله أن يرزقني حسن النية في عرضها وأن يكون ذلك بقصد الفائدة لا فخراً ورياءاً.
ذهبت إلى القاهرة (حلمية الزيتون) لتقديم أوراقي للجيش، وكنت أظن أنني سوف أقدم أوراقي وأعود ولكن الحال كان على عكس ذلك حيث قسم الحاضرون إلى من سيجند عسكري ومن يرشح لضباط الاحتياط، وكنت قد قلت في نفسي إن رشحت لضباط الاحتياط فلن أحلق لحيتي قولاً واحداً، وإن رشحت جندياً كان في المسألة قولان وأستخير الله U أحلق أو لا أحلق.
فقدر الله U أنني رشحت لضباط الاحتياط لأن الكليات العملية خاصة طب وهندسة يرشحون للاحتياط فقلت لمسجل الكلية أنا لن أحلق لحيتي. فرفض أن يحولني إلى جندي، وقال أنتم تحبون السجن وكانت سيارات الكلية واقفة فتم نقلنا إلى كلية الاحتياط بفايد دون أن نخبر أهلنا أننا ذاهبون إلى الكلية؛ وذهبت إلى كلية الاحتياط بالزي الرسمي للجماعة الإسلامية أقصد القميص والغطرة؛ وبت ليلة واحدة بعنبر الطلبة وأحسست بالاختناق في هذا الجو الذي لم أتعود عليه حتى أنني كنت أعيش بالمسجد وأخالط إخواني وأستمع للقرآن وأشتغل بطلب العلم والحرص على سلامة قلبي ولكن بحمد الله لم تكرر هذه الليلة التي بتها في عنبر الطلبة بكلية الاحتياط.
وفي الصباح وبعد صلاة الفجر جلست على سرير وكان في الدور الأول أقرأ القرآن فأتى الشاويش المسئول. عن العنبر يقول هيا للطابور فقلت له: أنا رافض الجيش من أوله إلى آخره ورفضت الخروج معه. فذهب من أجل أن يبلغ المسئولين وأتاني أحد الطلبة الذين في الدفعة السابقة لدفعتنا رقم (44) وأخبرني في دفعتهم (43) أخ رفض حلق اللحية وهو الآن بالسجن المركزي وإن شئت أن تذهب إليه فهيا بنا. فقلت له: نعم نذهب إليه.
¥