والضغط, وقاسى منها الشدائد, ثم أزعج عن وطنه وأهله إلى مصر, فتلقى هناك رواجا من العسكر بسبب التقلبات السياسية, ووعدوه ومنوه, فركن إليهم, واغتر باستدعائه إلى مجلس الأمة, وإجلاسه بشُرفة كبار الضيوف مع بعض الأمراء, وتخصيص سيارة له مع ضابط ملازم, وكان يغيظ بإظهاره ذلك موظفي سفارة المغرب, على أن هذا كله كان بواسطة من يسميه البكباشى حسن, الذي من أجل ذلك وصفه بالولي الصالح الكامل العارف بالله, ثم لم يلبث بعد ذلك إلا قليلا حتى أصيب بمحنة شقيقه عبد الله المعروفة التي أتت على أحلامه من القواعد, فأصيب بذبحة صدرية قضى منها وهو يهتف باسم النبي صلى الله عليه وسلم, على عادته, ولم يلفظ بكلمة الشهادة, وأمره إلى الله, والعجب أن شقيقه عبد الله أنكر بعد قدومه المغرب عقيدة وحدة الوجود جملة وتفصيلا, كما حدثني من سمعه يجادل فيها شقيقه عبد العزيز)
7ـ وفي رسالة منه له بدون تاريخ قال: (ومسألة وحدة الوجود, لا ينبغي أن تخوض معه (لشخص ناظر الكرفطي فيها) في أدلتها, وعليك بحكاية إجماع أهل الله عليها من عهد آدم!! إلى النفخ في الصور, وكبار العارفين كلهم مصرحون بها).
8ـ وفي رسالة منه إليه بتاريخ (17 محرم 1379) قال: وحديث (إن الله خلق آدم على صورته) () له معنيان, أحدهما ما ذكرته في الطباق (وهو الاسم الأول لكتابه (مطابقة الاختراعات العصرية, لما أخبر به سيد البرية)) المطبوع, من أن الضمير عائد على آدم, وأنه خُلق من أول وهلة على هذه الصورة, لا كما يقوله الكفرة ,من أن أصل الإنسان كان قردا ثم حصل الارتقاء, ورواية (على صورة الرحمن) () من تصرف الرواة على حسب فهمهم في الحديث خطأ, والمعنى الثاني, على فرض عود الضمير على الله تعالى, فالله خلق آدم على صورته المعنوية, من كونه عالما قديرا مريدا, حيا سميعا بصيرا متكلما, وإن كان الأمر فيه تجوز, لأن هذه الصفات في الله تعالى غيرها في آدم, إلا أن الله يخاطب العباد بما يفهمون, وهناك معنى ثالث, إذا ذكرت الله كثيرا, وصحبت العارفين, وفتح عليك تعرفه (يقصد أن آدم هو عين الله) وهو الحق الذي لا مرية فيه, ولكن إذا عرفته بعد الفتح, فأنت أول من ينكر التصريح به, ويكفر من يعتقده).
قلت: هذا واضح كما ترى, ووعيد أبي البيض لتلميذه بعدم البوح بالسر, وأنه إن أدركه بـ (الذوق) يكون أول من ينكره, ويكفر من يعتقده, بشرط الفتح, وهو يشير إلى أنه مفتوح عليه, لإعلانه بالسر ونصرته له باللسان والقلم, ولم يصب بسوء في الدنيا لسقوط حكم الإسلام, وذهاب دولته من الأرض الآن, ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وملاحظة أخيرة في هذا الفصل, وهي أن أبا الفتوح, لم يعرج على هذه العقيدة فيما جمعه من رسائل شيخه أبي البيض, المسمى (در الغمام الرقيق) , مع أنني نقلت أقواله فيها هنا منها! ولعل ذلك راجع إلى أن أبا الفتوح بدا له في الأمر وغير رأيه, كما في مسألة عدالة الصحابة, وتكفير الشيخ لجماعة منهم, وعلى رأسهم معاوية رضي الله عنه, بيد أنه تبين لي أنه ما زال متأرجحا بين الإيمان والكفر, فهو يجمجم ولا يُبين, فتارة يثني على دهاقنة الاتحاد كابن العربي والششتري وابن سبعين, وابن أضحى والتلمساني وحتى التجاني وابن عجيبة والحراق, وهلم جرا ومسخا, ويؤذن لأنعامه بالتغني بأشعارهم في طقوس (العمارة) اليهودية, بثكنته التي سماها الآن (دار القرآن)! والقرآن بريء منها, وتارة يتظاهر بالإنكار والرد, لتحقيق المآرب, وتيسير المآدب, (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (الشعراء: من الآية227).
ـ[حامد تميم]ــــــــ[04 - 01 - 07, 04:28 م]ـ
لا فض فوك يا أبا أويس، وجزاك الله خيراً ياشيخ طارق.