تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الفصل الثاني من صحيفة سوابق لشيخنا بوخبزة]

ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[13 - 01 - 07, 01:45 م]ـ

الفصل الثاني

تفسيره القرآن بالرأي

وجزمه بأن رأيه المختار هو مراد الله تعالى

وحلفه بالله تعالى على أنه مراده

تعالى الله عن عبثه بكتابه المقدس

من المعلوم في الدين الإسلامي أن القرآن العظيم هو أصله الأول وأساسه الأصيل, وقد جمع الله فيه ما تفرق في ما قبله من الكتب والصحف المنزلة من أسمائه وصفاته, وأحكام دينه وشريعته الموصى بها من الرسل قبله, المشار إليها بقوله عز وجل: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) (الشورى:13).وهذا الدين الأول والآخر هو توحيد الله تعالى بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلى, وقضائه وقدره الكوني والشرعي, وما يتعلق بذلك ويرتب عليه من الإيمان وضده, وثوابه وجزائه, وما أعد الله للمؤمنين والكافرين من نعيم ونَكال, وما شرع لعباده على ألسنة أنبيائه ورسله, من شرائع وأحكام, وحلال وحرام, وقواعد الإسلام والإيمان, وأنباء البعث والنشور وقصص الأنبياء, وغير ذلك من التعاليم الإلاهية التي ضمنها كتابه العظيم, الذي أخبر أنه جعله (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (النحل: من الآية89)) وأنبأنا بقوله (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) (الأنعام: من الآية38)) ولذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله: (كل ما صح عن رسوله من السنة فهو مما فهمه من القرآن).

وقد اتفقت كلمة علماء السلف الصالح أن التصدي لتفسيره من الصعوبة بمكان, وتفاديا للخطأ فيه حددوا تفسيره بمراتب ثلاث: تفسير القرآن بالقرآن, لأنه لا أحد أعلم بمراد الله منه, والقرآن مليء بهذا النوع من التفسير, وقد اعتمده كثير من علماء الحديث ومفسريه كابن كثير رحمه الله, وقيد الله له من المعاصرين شيخنا الإمام, محمد الأمين ابن المختار الجكني الشنقيطي رحمه الله, فجمع فيه سفره العظيم (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) وهو مطبوع, يلي هذه المرتبة تفسير القرآن بالسنة, لأنه لا أحد يتقدم الرسول المخاطب به من ربه, وهو كان المقصد الأول من جمع التفاسير المسندة, كتفسير ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وعبد الرزاق وسنيد وغيرهم, وقد جمع تفاسيرهم بحذف السند مع الأسف السيوطي رحمه الله في كتابه الجامع (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) وقد طبع مرارا, والمرتبة الثالثة تفسير الصحابة, رضي الله عنهم, وتفاسيرهم في الغالب يكتنفها اختلاف, إلا أنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد, ويجب اعتبار هذا التفسير لأنه صدر ممن شاهد التنزيل, وعرف المناسبات وأسباب النزول, وخالط الرسول صلى الله عليه وسلم, وعلم تصرفاته وأعماله, وفهم أخلاقه التي كانت مستمدة من القرآن كما قالت زوجه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كان خلقه القرآن) ().

فإذا لم يوجد تفسير في هذا المراتب, وقلما يفقد, لجأ المفسر إلى اللغة العربية وأساليبها, ومعرفة سَنَن العرب في كلامها, فإنه واجد بإذن الله في ذلك ما يكفي ويشفي, إلا أنه قبل هذا وبعده, لابد من مراعاة أحكام وآداب يجب توافرها في المفسر ,حتى لا يقع في المحظور إن هو أرخى العنان لهواه ونحلته, فيَضِلُّ ويُضِلُّ, وقد كان الأولون في عافية من هذا المأزق, لكونه غير معروف يومئذ, فلما تعددت المذاهب والنحل, وتكاثرت البدع والأهواء, اقتحم الضالون العقبة, فتجرأوا على تفسير القرآن بأهوائهم وعقائدهم, وكان منهم الصوفية الذين بالغوا في الافتيات على الله, وقَوَّلوه سبحانه ما لم يقل, فظهرت تفاسيرهم التي أقسم بالله بارّا غير حانث أنها عبث بالقرآن, وتلاعب بأغراضه ومعانيه, وهذه تفاسيرهم بين أيديكم, للنيسابوري والمهايني وإسماعيل حقي, والتستري والسُّلَمي والورتجيبي والقُونوي والقُشَيْري وابن عجيبة, وهي بدون شك من التفسير بالرأي المذموم, والأمر في غنى عن التحذير والنهي, فإن مجرد تصوره كاف في اجتنابه, والنفور منه, وقد ورد عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير