تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها الأخ الكريم: بدءاً مما يحمد في سؤالك هو استشعار المشكلة، فكثير من الناس يغرق في دوامة الحياة العملية أو الاجتماعية وينسى نصيبه من الأخرى!

ولا شك أن الإحساس بالمشكلة خطوة مهمة في الطريق إلى علاجها خاصة إذا كان العلاج بيدك أنت أولاً وآخراً.

وهنا أنبه إلى أن كثيراً من القضايا التربوية والاجتماعية العملية لا يملك حلها إلا من يعايشها، فليست القضية فيها فتوى شرعية تبين للإنسان ما كان يجهله من حكم في مسألة فيلتزم به، ولكنها قضايا واقعية عملية مرتبطة بظروف الشخص وملابسات حاله وإمكانياته، وهذه كل إنسان أعلم بنفسه فيها.

بيد أن هناك موجهات عامة وإرشادات مجملة قد تساعد من توفرت عنده الهمة على الخروج مما ألَمَّ به، ولعل من جملة هذه المقترحات، والتي أسأل الله أن ينفعكم بها ما يلي:

1 - حاول أن تضع لك جدولاً أسبوعياً مكوناً من 112 خانة هي عدد ساعات الأسبوع مطروحاً منها عدد ساعات النوم اللازمة (8 يومياً) فمجموعها 122 هي ساعات النشاط، فإذا كان العمل يستغرق 8 ساعات يومياً عدا الجمعة تبقت لك 64 ساعة أسبوعية، وهذه تزيد عن نصف ساعات النشاط الأسبوعية (112) بمعنى أن عندك نصف الأسبوع فراغ لا عمل فيه، أفلا يتسع نصف الأسبوع إن أحسنا استثماره لطلب العلم؟!

2 - من المهم استثمار الأوقات – ودعني أسميها – المهمشة أعني بها تلك الأوقات التي لا نلتفت إليها كثيراً ومنها ربع الساعة المستغرق في الطريق إلى العمل، والخمس دقائق المستغرقة في الطريق إلى المسجد، والعشر دقائق قبل إقامة الصلاة ونحوها، وإذا أخذت تُجمِّع الأمثلة الماضية ومعها بعض ما قد يحضر في ذهنك سوف تجد أنها تمثل قرابة الثلاث ساعات يومياً أي أكثر من 18% من ساعات النشاط في اليوم، ولعل 50 دقيقة قبل الصلوات وقد ترتفع إلى (75) كافية ليحفظ الفرد 10 آيات من القرآن، كما أن في طريق الذهاب أو الإياب من وإلى المسجد فرصة للمراجعة، فقد ذكر عن بعض أهل العلم أنهم كانوا يستثمرون هذه الدقائق في مراجعة المحفوظ، وأعرف أحد الأئمة المتقنين والمشايخ المشغولين يقول: لا أجد وقتاً للمراجعة إلا وقت الذهاب والإياب من العمل مع أنه في قراءته لا يكاد يخطئ أبداً.

3 - من المهم كذلك استثمار أوقات الفراغ داخل العمل وربما اختلف هذا من نوع عمل إلى آخر، ولكن كثيراً من الأعمال لا تخلو من أوقات فراغ، فبدلاً من استثمارها في مشاهدة قناة فضائية أو لعبة حاسوبية أو دردشة تشغل الزميل فلتستثمر في شيء نافع يطور من إمكاناتك في مجال عملك أو يعود عليك بالنفع في آخرتك.

وختاماً أنبه إلى أن الـ64 فراغ (50%) من الأسبوع ليس من المفترض أن تملأها بالجد والطلب، ولكن ليكن للجد والطلب منها حظ وافر، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن بوصلك جيرانك وأرحامك، فإن صلة الرحم تفسح في المدة وتنسأ في الأجل، واغتنم أوقات الزيارة فاجعلها أوقات صلة ودعوة وأمر بمعروف ونهي عن المنكر بالأسلوب اللبق الحصيف، واستعن في ذلك بالإعداد افي البداية أسأل الله _تعالى_ أن يصلح ذريتك ويجعلهم قرة عين لوالديهم وأمتهم.

أما سؤالك عن التربية فهو سؤال كبير لا تمكن الإجابة عليه بصورة مختزلة؛ لأن التربية أمر صعب، ولأنها عمر إنسان يبدأ قبل ولادته ولا تكاد تنتهي إلا مع نهايته، ولأنها أيضاً تختلف من فرد لآخر.

ثم إنها توفيق من الله _تعالى_ قبل وبعد كل شيء.

ولهذا فإني أنصحك بكثرة المطالعة والقراءة في كتب التربية القديمة والحديثة، وسماع الأشرطة والمحاضرات المعنية بذلك.

ويأتي في مقدمة هذه الكتب: (تحفة المودود بأحكام المولود) لابن القيم، ومن الكتب في العصر الحاضر كتاب (التربية النبوية) لمحمد نور سويد، وأيضاً كتاب (تربية الأولاد في الإسلام) لعبد الله ناصح علوان، والمكتبة الإسلامية اليوم قد ازدحمت رفوفها بكتب التربية.

أما بخصوص حالتك ووضعك الشخصي فيمكنني أن أضع لك بعض النقاط المختصرة التي لا تفي عن الرجوع للكتب سالفة الذكر.

الخطوة الأولى: احرص على إخراج هذا الطبق الفضائي من منزل أهلك لتقي نفسك وأهلك وولدك شره، واتخذ في ذلك أكثر الأساليب حكمة ورفقاً؛ وكلما كنت متفقداً وخادماً لهم كنت أقرب لهم وأقدر على التأثير عليهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير