ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[02 - 04 - 06, 08:52 م]ـ
الموت، ما انتفعوا بعيش، ولا لذوا بنوم”1.
وأخرج ابن سعد ت 230هـ عن عوانة بن الحكم قال: كان عمرو بن العاص يقول: عجباً لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه، فلما نزل به قال له ابنه عبد الله: يا أبتِ إنك كنت تقول: عجباً لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه؟ فصف لنا الموت قال”يا بنيّ الموت أجل من أن يوصف، ولكن سأصف لك منه شيئاً، أجدني كأن على عنقي جبال رضوى، وأجدني كأن في جوفي الشوك، وأجدني كأن نفسي تخرج من ثقب إبرة”2.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) انظر كتاب الموت ص69.
(2) طبقات ابن سعد 4/ 260، وانظر سير أعلام النبلاء 3/ 75، وفتح الباري شرح صحيح البخاري 8/ 346.
ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[02 - 04 - 06, 08:52 م]ـ
المطلب الثالث: سكرات الموت تحصل لكل المخلوقات
كل المخلوقات تجد سكرات الموت ويشهد لهذا عموم قوله تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} 1، وقوله صلى الله عليه وسلم “إن للموت سكرات”2، لكن تختلف المخلوقات في درجة إحساسها بالسكرات3.
فالعبد المؤمن تخرج روحه بسهولة ويسر، ودليل ذلك ما ورد في حديث البراء ابن عازب أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن وفاة المؤمن: “ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة [وفي رواية: (3) سورة آل عمران، الآية 185.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(4) سبق تخريجه في ص: 82.
(5) انظر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة 1/ 50، 51.
ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[02 - 04 - 06, 09:29 م]ـ
المطمئنة] اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء1، فيأخذها ... ”2.
أما الكافر فإن روحه تخرج بشدة وصعوبة يتعذب بها، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديثه عن وفاة الكافر [وفي رواية الفاجر]: “ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود3 الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب”4.
هذا بالجملة وإلا فإنه قد تشتد السكرات على بعض الصالحين؛ لتكفير ذنوبهم، ولرفع درجاتهم، كما حصل للرسول صلى الله عليه وسلم حيث عانى من شدة سكرات الموت، كما في صحيح البخاري في الحديث السابق ذكره5.
قال ابن حجر: “وفي الحديث " لا إله إلا الله إن للموت سكرات ": أن شدة الموت لا تدل على نقص في المرتبة، بل هي للمؤمن إما زيادة في حسناته، وإما تكفير لسيئاته”6.
وقد ترجم ابن ماجه ت275? في سننه بعنوان: “باب ما جاء في المؤمن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السقاء هو ظرف الماء من الجلد، ويجمع على أسقية، انظر النهاية في غريب الحديث والأثر ص436.
(2) الحديث رواه أحمد 4/ 2876 وَ 295 وَ296 وأبو داود، كتاب السنة، باب في المسألة في القبر وعذاب القبر ح 4753.
(3) السفود: حديدة ذات شعب معقفة، يشوى بها اللحم، انظر لسان العرب 2/ 154.
(4) سبق تخريجه.
(5) عند الإحالة ص: 82.
(6) فتح الباري شرح صحيح الباري 11/ 363.
يؤجر في النَزْع”، وساق تحته قوله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن يموت بعرق الجبين”1، كما قد جاء في حديث آخر قوله صلى الله عليه وسلم: “الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم مس القرصة” 2.
وهذا يدل على أن الأصل تخفيف نزع روح المؤمن، إلا أنها قد تشدّد على من أراد الله سبحانه وتعالى من المؤمنين؛ تكفيراً لسيئاتهم، أو رفعاً لدرجاتهم؛ قال القرطبي في معرض حديثه عن سكرات الموت: قال القرطبي: (قال علماؤنا رحمة الله عليهم: فإذا كان هذا الأمر قد أصاب الأنبياء والمرسلين والأولياء فما لنا عن ذكره مشغولين؟ وعن الاستعداد له متخلفين؟ قالوا وما جرى على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين من شدائد الموت وسكراته فله فائدتان:
¥