تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مواصفات العبد الواصل كما يقدمها الإمام القيم ابن الجوزية]

ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[06 - 04 - 06, 09:33 م]ـ

الناشر:

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

السنة الحادي عشرة - العدد الأول - غرة رمضان1398هـ

إذ يقول رحمه الله: "إذا عزم العبد على السفر إلى الله تعالى وإرادته عرضت له الخوادع والقواطع:

- فينخدع أولاً بالشهوات، والرياسة، والملاذ، والمناكح، والملابس، فإن وقف معها انقطع وإن رفضها ولم يقف معها وصدق في طلبه ابتلي.

- بوطء عقبه، وتقبيل يده، والتوسعة له في المجلس، والإشارة إليه بالدعاء، ورجاء بركته، ونحو ذلك فإن وقف معه انقطع عن الله وكان حظه منه، وإن قطعه ولم يقف معه ابتلي.

- بالكرامات والكشوفات فإن وقف معها انقطع بها عن الله وكانت حظه، وإن لم يقف معها ابتلي.

- بالتجريد والتخلي ولذة الجمعية، وعزة الوحدة، والفراغ من الدنيا وأن وقف مع ذلك انقطع عن المقصود، وإن لم يقف معه، وسار ناظراً إلى مراد الله منه، وما يحبه منه بحيث يكون عبده الموقوف على محابه ومراضيه, أين كانت, وكيف كانت, تعب بها أو استراح، تنعم أو تألم، أخرجته إلى الناس أو عزلته عنهم، لا يختار لنفسه غير ما يختاره له وليّه وسيده، واقف مع أمره, ينفذه بحسب الإمكان, ونفسه عنده أهون عليه أن يقدم راحتها ولذتها على مرضاة سيده وأمره، فهذا هو العبد الذي وصل ونفذ ولم يقطعه عن سيده البتة .. وبالله التوفيق.

(الفوائد ص163).

التعليق:

هذا الذي صوره الإمام ابن القيم هو المفهوم الصحيح للوصول إلى الله، وحقيقته - كما يفهم من كلام هذا الإمام - هو قطع الخوادع والقواطع التي طالما خدعت كثيراً من السائرين إلى الله فثبطتهم عن السير وقطعتهم في أثناء الطريق وأخلدوا إلى أرض الراحة والشهوات وحب الرياسة والتطلع إلى الكشوفات حتى تقبّل أيديهم ويوسع لهم في المجالس ويتحرك القاعدون إذا وصلوا إلى المجالس إلى آخر القواطع الكثيرة التي عدد أهمها الإمام ابن القيم رحمه الله.

ومن اقتحم العقبات وتغلب على تلك القواطع فصار عبداً لله وحده لا يشاركه فيه أحد سواه

ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[06 - 04 - 06, 09:37 م]ـ

فهو العبد الواصل إلى الله لأنه وصل إلى العبودية الخالصة وذاق حلاوتها فأصبح شديد الخشية والحياء من سيده، قوي المراقبة له سبحانه وقوي الأنس به والشوق إلى لقائه.

لا راحة له إلا حين يكون في عبادة ربه وطاعته "أرحنا بها يا بلال" كثير البكاء شوقاً إلى لقاء ربه في دار كرمته.

هذه بعض صفات العبد والواصل إلى الله وهذا تصورالوصول وهذه حقيقته.

من هنا تعلم أن ما يسميه بعض الزنادقة من غلاة المتصوفة بالوصول إلى الله, عندما يمرق بعضهم عن الدين ويتحلل عن التكاليف بدعوة أنه وصل إلى منزلة تسقط عنه فيها جميع التكاليف فيصبح حراً طليقاً يفعل ما يشاء ويذر ما يريد، فإن هذا الذي يسمونه وصولاً فهو في الواقع خروج عن الجادة ومروق عن الدين فهذا الصنف من الناس هم من أبعد الناس عن الله لأنهم يرغبوا عن دينه الذي بعث به رسوله محمداً عليه الصلاة والسلام الذي يطيل القيام في صلاته حتى تتورم قدماه الشريفتان وإذا قيل له في ذلك يكون جوابه "أفلا أكون عبداً شكوراً".

هذا هو أرقى درجات الوصول لأنه عليه الصلاة والسلام أعرف الناس بربه وأتقاهم له سبحانه, وأتباعه يتفاوتون في الوصول, فهم درجات عند ربهم .. والله المستعان.

قلم التحرير.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير