قيل: وقالوا في بعض كتب التعريف: "لما أن دلَّت علومنا السماوية على فساد العالم الأرضي خشينا عليه فنقشنا على هذه الباربي ما يحتاج إليه العالم من علم الصنائع والبضائع إلى آخر الدهر".
وقيل: إن دندر بن قفط بن إخْميم بن مصر بن سام بن نوح عليه السلام، صاحب البربة المشهورة بـ"بربة دندر"، اتخذ تنوراً من نحاس يرى فيه مايحدث كل يوم، فمما رأى وقوف النيل سبع سنين في زمن يوسف عليه السلام. وبشَّر الحكيم قومه وأنذرهم من قبل فحفر في الأرض ما يحتاج أن يزرعه قمحاً بلا زيادة نيل، وخزَّنه وانفرد بهذا في زمانه، ولم يمت له من الجوع أحد، وانفرد بحسن هذه البربة كأنها عروس منقوشة مع أنها كجبل عظيم، وهي محررة مسطرة مبتكرة]. (105).
قال بعض القضاة من نياب السلطنة: لو اجتمع الآن كل سلطان في هذا الزمان، وصرفوا جميع أموالهم على عمالهم لن يستطيعوا أن يصوروا مثل هذا من خشب ولا طين، فكيف وهذه من حجر كبير منقوش ومفروش ومكتوب ومصور؟ ..
قال بعضهم: والذي أقوله ـ والله أعلم ـ: إن هذه البرابي تصديق تعبير قصص موسى عليه السلام، لقوله تعالى: (وجاؤوا بسحر عظيم ((106). وهذا من نهاية دوام تصديق الإعجاز، وكيف موسى غلب على هؤلاء الذين أثاروا الأرض وعمروها أكثر مماعمروها، وماكان هذا إلا بأمر رب العالمين رب موسى وهارون، وإن الذين يتعجبون من سد الدجلة بكتب بغداد لو رأوا برابي الصعيد والعلوم المكتوبة فيها كيف يكون تعجبهم؟ .. وليس الخبر كالعيان، وإني متعجب من قول أصحاب العجائب:"إن أعجبها الهرمين"، مع أن أقل برابي الصعيد ـ بإجماع من شاهدها من أهل الكونين، أجلّ وأكمل من عجائب الهرمين!. مع أن باني الهرمين قيل إنه من أصحاب البرابي، ولكنَّ هذا على قدر ما اطلعوا (107).
وما شهدنا إلا بما علمنا، وفوق كل ذي علم عليم، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وإلى ربك المنتهى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تمت الرسالة المباركة
...
* باحث ومحقق في التراث .. سيصدر له كتاب / جهود علماء دمشق في علم الحديث خلال القرن الرابع عشر للهجرة/.
*الحواشي والتعليقات:
(1) ـ السيوطي، الكاوي في تاريخ السخاوي: 2/ 949، (مطبوع ضمن شرح مقامات السيوطي بتحقيق الدكتور سمير الدروبي، مؤسسة الرسالة بيروت 1988م).
(2) ـ هدية العارفين: 1/ 542، وأحمد الشرقاوي إقبال، مكتبة الجلال السيوطي: 319 (ط/دار المغرب الرباط، 1977م.
(3) ـ عبد الإله النبهان، فهرس مؤلفات السيوطي المطبوعة (ط. ضمن مجلة عالم الكتب السعودية، مج 12 ـ 14 رجب 1411هـ)، ص: 50.
(4) ـالفهرس العام لمخطوطات الظاهرية (ط/مجمع اللغة العربية بدمشق 1987م).
(5) ـ في 1: ومنتهى.
(6) ـ في 3: أجزاء وبقية النسخ جزء.
(7) ـ في 3: أنهار.
(8) ـ في 3: قائمة.
(9) ـ ساقطة من: 1 و2.
(10) ـ في 1: العرش. قلت: وهو يشير إلى ما أخرجه البخاري [رقم: 629]، ومسلم [رقم: 1031] عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (() قال: (سبعة يظللهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (: الإمام العادل. وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله. ورجل تصدق بصدقة أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه (.
(11) ـ في 2: بثمانية عشر ألف، وفي 3: له ثمانية آلاف.
(12) ـ مابين القوسين ساقط من: 2.
(13) ـ في 3: وطار ألف سنة.
(14) ـ في 3: صفت.
(15) ـ مابين القوسين ساقط من: 3.
(16) ـ سورة الأعلى آية: 1.
(17) ـ مابين العقفتين ساقط من: 2 و3.
(18) ـ مابين القوسين ساقط من: 2.
(19) ـ أكثر ما أورده المصنف هنا عن العرش هو مما لا يصح من الإسرائيليات وتجده مدوناً عند السيوطي في الهيئة السنية: 1 ـ 4 (ط: بيروت)، وقد حكم السيوطي على بعضها بالوضع في اللآلئ وذيلها كما في تنزيه الشريعة المرفوعة للكناني: 1/ 211.
(20) ـ سورة القدر الآيات: 3 ـ 5.
(21) ـ في 3: السماء.
(22) ـ في 3: الرابع.
(23) ـ في 2: لا يقطعها.
(24) ـ ساقطة من: 1.
(25) ـ أخرج قريباً من هذا في وصف شجرة طوبى ابن جرير عن قره بن إياس، وابن مردويه عن ابن عمر وابن عباس. كما في كنز العمال: 14/ 450 ـ 451.
(26) ـ سورة الأنعام، آية: 103.
¥