تلقى رحمه الله العلوم الابتدائية من حضرة والده وشقيقه الأكبر السيد أبي حبيب النقشبندي (ت 1927م)، ثم ارتحل رحلته العلمية إلى (فلواري شريف) إحدى ضواحي العاصمة (بتنه) ( patna) ، بولاية (بيهار)، ومكث هناك عاماً حيث قرأ على يد الشيخ (محي الدين المحبي) , فنشأ فيه التذوق للأدب والشعر، كما أخذ دروس المنطق من العلامة (سليمان الفلواوي)، ثم ارتحل إلى المدرسة الإمدادية في مديرية (دربنجه) بولاية (بيهار)، ودرس هناك كتاب (الهداية) للمرغيناني في الفقه الحنفي على الشيخ مرتضى حسن الديونبدي، و (شرح التهذيب) في المنطق على الشيخ فدا حسين الآروي.
التحاقه بدار العلوم لندوة العلماء:
التحق العلامة رحمه الله بدار العلوم لندوة العلماء بلكنو في عام (1901م)، وارتوى من علوم أهلها ومعارفهم لمدة خمس سنوات، وكانت ساحة ندوة العلماء إذ ذاك مزدانة مستنيرة بالعلم، تتلألأ بجهابذة العلماء الربانيين، وكبار المشايخ من المحدثين والفقهاء والمفسرين، فسنحت الفرصة للعلامة الندوي أن ينهل من علومهم، ويرتوي من معارفهم، ويكسب من فيوضهم وبركاتهم، ويروي غليله العلمي في الظل الوارف من هؤلاء العباقرة، حتى كسته صحبتهم علماً غزيراً وروعة وبهاء في الأخلاق والآداب، واكتملت ثقافته هناك.
وهؤلاء هم أهم الأعلام الذين درس عليهم العلامة الندوي، واستفاد منهم في حياته العلمية:
1 - المفتي الكبير العلامة الشهير الشيخ الفاضل عبد اللطيف بن إسحاق الحنفي السنبهلي، المتوفى عام (1379هـ)، وقد قرأ عليه الشيخ الندوي بعض كتب الفقه.
2 - الشيخ العالم الكبير المحدث حفيظ الله البندوي، المتوفى عام (1362هـ)، وقد أخذ عنه السيد الندوي الحديث الشريف وشيئاً من علم الهيئة.
3 - الشيخ العلامة محمد فاروق بن علي أكبر العباسي الجرياكوتي، المتوفى عام (1327هـ)، وقد أخذ عنه السيد الندوي علم المنطق والفلسفة والأدب العربي.
4 - العالم الصالح الشيخ الفاضل شلبي بن محمد على الجيراجفوري، المتوفى عام (1364هـ).
5 - العلامة الكبير مؤرخ الهند الشهير المحدث الطبيب السيدات والسيد عبد الحي بن فخر الدين الحسني، المتوفى عام (1341هـ)، وقد قرأ عليه الشيخ الندوي (مقامات الحريري).
6 - العلامة الجليل المؤرخ العظيم الباحث النقاد شبلي النعماني، المتوفى عام (1332هـ)، وقد أخذ عنه السيد الندوي الأدب العربي، وقرأ عليه (دلائل الإعجاز)، كما أخذ عنه علم الكلام، وتدرب عليه في الكتابة والتأليف والإنشاء والعناية بالسيرة النبوية.
نبوغه وعبقريته ومكانته العلمية:
كان العلامة الندوي رحمه الله عالماً موسوعياً بمعني الكلمة، يجمل في صدره مكتبة واسعة في العلوم والفنون، وكانت ذاكرته تزخر بأنواع من الدرر واللآلئ من جميع الفنون.
1 - في القرآن الكريم وعلومه:
فإذا بحثنا عنه في مجال كتاب الله رأيناه دائم التدبر فيه، إيمانا منه بأن ثمرة التلاوة التدبر والتذكر، مع الاهتمام الكبير باستنباط المسائل العقدية والفقهية والخلقية والسياسية من ألا القرآن الكريم، وشرح لطائفة الأدبية، وتحقيق مباحثه التاريخية، وكتابه (أرض القرآن) خير دليل على ذوقه هذا، بالإضافة إلى ذلك كانت له دروس منتظمة في تفسير القرآن الكريم تفسيراً علمياً تحقيقياً دقيقاً، كما كانت لديه خطة لتدوين المسائل القرآنية وترتيبها وفق الأسلوب العصري، وإفراد الآيات القرآنية المتعلقة بالقضايا والشؤون العقائدية، والأحكام الفقهية والمباحث الاقتصادية، وكلها على حدة.
2 - في الحديث الشريف:
لم يكن نصيبه فيه أقل من الفنون الأخرى، وكان كثير الاشتغال بكتب الأحاديث والسنن والآثار، ومن حبه لسنن والآثار والاشتغال بها كان دائم الحرص على اقتناء كتب السنة والحديث لدار المصنفين، حتى أصبحت خزانة دار المصنفين حافلة بكتب الحديث ورجاله.
وإن أهم مميزة تميز بها العلامة الندوي في شرح أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم: هي أنه كان معنياً بأن يكون فهم الحديث الشريف في إطار العمل النبوي الشريف المشتمل على إدراك الجو الذي جاء فيه، ليكون تطبيقه على الحياة أوفق وأجدر.
¥