, كالتمهيد ,والإستذكار, والمنتقى , وشرحي ابن العربي.
ثم أخد الفقيه يدعو إلى إلتزام الأدب والمروؤة في الؤدود دون المهاترات والسب المفضي إلى التدابر ,وأن التعالم وادعاء الإنفراد بالحق والصواب زلة خطيرة , (حظر) قال شيخنا أبي أويس محمد بوخبزة حفظه الله:هكذا هي بخط الفقيه ,والصواب حذر بالذال المعجمة. منها النبي صلى الله عليه وسلم, وعزز كلامه بأقوال نقلها عن الأئمة الأربعة ,إذا تأملها الإنسان وجدها تصب في خانة غير خانته ,لأنها تدعو إلى ترك تقليدهم وإتباع الآثار , وهي كلمات مستطابة كثيرة , ولم ينقل منها الفقيه إلا ما رأى أنه يؤيده , ولفت نظري نقله عن الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه قٌوله: "رأيي صواب يحتمل الخطأ, ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب,"وهي كلمة سوء تدل على رعونة نفس ,وتعالم ممقوت ,وحاشا الشافعي أن يقول مثلها , وإنما تنقل عن بعض فقهاء الحنفية المتعصبين , ولم ينس الفقيه بين الفينة والآخرى أن يشير إلى المسألة ,وأن القائلين بالمشروعية معذورون وإن أخطأوا, لأنهم مجتهدون, وإن احتج خصومهم بأن الصحابة ما كانوا يعرفون هذا الذكر الجماعي بهذه الهيئة ,فإننا نرد عليهم بأن المنكر قسمان ... ,وقد أتي الفقيه من سوء فهمه للبدعة , وعدم التفريق بين البدع والمنكرات ,ولو وفق -أرشده الله- إلى مطالعة كتاب الإعتصام لأبي إسحاق الشاطبي لوقف على علم أصول البدع , ولمس الفرق العظيم بين البدع والمحرمات في الدين التي لم يسبق لها نظير, وبين المناهي والمنكرات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم لأنها موجودة معروفة.
الموقف الثاني: من الباب الأول في شرح السنة والبدعة
قال الفقيه: إنه عقد هذا الباب للتعريف بالسنة والبدعة, لأنه يريد الإستدلال بالسنة وأقسامها , وأطال في ذلك وأسهب وأطنب وأمل , وجلب فروعا ومسائل لا علاقة لها بالموضوع ,وفيها مسائل ثبتت فيها السنة بخلاف مذهب مالك فرأيت الفقيه يدور فيها ولا يستقر ,لتهيبه الإعلان بالمخالفة, وهو إمام وخطيب ومدرس بالكراسي العلمية, وقد أخدوا عليه العهود والمواثيق المصحوبة بالزواجر المقلقة ,عن مخالفة المذهب , ولزوم اتباع ما جرى به العمل بفاس.
ثم تطرق الفقيه إلى مسألة الترك, وإستعرض فيها عضلاته في الأصول (الذي هو علم لا فائدة من دراسته للمقلد) ونوع النقل والأمثلة عن مصادر لو رآها فقهاء فاس لأنبوه على إعتمادها كموافقات الشاطبي (دون إعتصامه) وإعلام الموقعين لإبن القيم ,وهو من أساطين السلفيين الذين هم مرجع الوهابية التي تعادل اليهودية في نظر فقهاء فاس والمغرب وتونس ,والمقصود أن إطالة الفقيه
في التعريف بالسنة وأقسامها لا داعي إليه إلا تضخيم حجم الرسالة, وكان يكفي نص واحد من عالم معتمد في التعريف , ولكن الفقيه يهدف إلى بيان البدعة ,فوضع لها عنوان: {البدعة}.
وهذا الفصل الثاني من كلامه في البدعة ,وقد استهل الفصل بنقل طويل عن نهاية ابن الأثير في شرح غؤيب الحديث, وجده ينسجم مع مفهومه للبدعة , وقد استدل ابن الآثيرعلى مفهومه للبدعة وتقسيمها إلى حسنة وسيئة بالحديث الصحيح المشهور ,وهو:قةل النبي صلى الله عليه وسلم:"من سن سنة حسنة فله أجرها ... "وتلك شنشنة أعرفها من أخزم, وينبغي أن يعرف أن ابن الآثير شافعي ,وجمهور من الشافعية يذهبون إلى هذا التقسيم اعتمادا على رواية حرملة عن الشافعي رحمه الله أنه قال:"البدعة بدعتان بدعة محمودة وبدعة مذمومة ". ويتكئون معه على حديث:"من سن سنة حسنة ... "والحديث الشريف
لا يمكن أن يكون معناه: " من إبتدع في الدين بدعة حسنة وسيئة ... ".وإنما معناه -لمن أنصف ونظر بعينين لا بعين واحدة -:من أحيى سنة وأظهرها بعد أن غفل عنها الناس ,لا يمكن أن يكون للحديث معنى إلا هذا إنسجاما مع دلائل الشرع, وموافقة لما عرف وتواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
وكبار التابعين في العصور الثلاثة المشهود لها بالخير في الحديث الصحيح:"خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. وحديث:"خير القرون القرن الذي ولدت فيه ... ،ويسترشد إلى المعنى الصحيح لحديث:" من سن سنة حسنة ... ,يسبب وروده المشهور , وإن كنت أعرف القاعدة الأصولية التي تجري على لسان الفقيه وأقرانه في مثل هذا الموضوع:
"العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب".
¥