تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعدما عقد الفقيه الفصل الثالث للإستنباط من السنة على طريقة الاجتهاد الممنوع، وأعاد وكرر فيه ما سبق له من التمسك بالعموم،والنقل عن المتأخرين نقولا تتأرجح بين الوضوح والغموض، قال:" وقد اخترت منها - يعني:الأحاديث -أربعين حديثا، فقلت مستعينا بالله: ...

ولعل اختياره أربعين منها ردا غير مباشر عليّ، حيث جمعت أربعين حديثا في تحريم البناء على القبور، وبطلان الصلاة في المقابر والزوايا المدفونة، ولا أدري موقفه منها،وإن كان لا يستطيع التمسّك والجهر بها لما عُلم.

وسأساير الفقيه في تلك الأحاديث التي ذكرها وخرّجها وأطال في شرحها ناقلا محاولا انتزاع دليل يؤيد مدّعاه.

الحديث الأول:

حديث: " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله بتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ... إلخ،

- قال الشيخ أبي أويس المغربي: وهو حديث صحيح رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه،وقد جلب الفقيه عليه من النقول عن المتأخرين إلى أن بلغ به الأمر إلى النقل عن الدّاه الشنقيطي، والسّجلماسي من العمل المطلق، وعبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي من عمل فاس، ولعل الفقيه يعرف أن العملين الأجنبين عن الإسلام تضمنا أكثر من خمسين مسألة مخالفة للكتاب والسنة، والمهم أن المحققين من علماء الحديث والآثار ذهبوا إلى أن السنة الصحيحة الثابتة لا بد أن يكون أول عامل بها صاحبها عليه الصلاة والسلام. ثم الرعيل الأول من أصحابه، ثم الذين يلونهم، وهو مصداق الحديث الصحيح المشهور:" خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم،ثم الذين يلونهم ".كما بيّنه مفصلا العلامة سليمان الندوي الهندي رحمه الله في رسالته القيمة:"السنة" ن وهو أصل نبوي عملي ضروري،وإذا تأمله الإنسان في موضوع بحثنا ونحوه كقراءة القرآن على الأموات، وإهداء ثوابها إليهم، وجده يأتي على بنيان المبتدعة من القواعد، فلا حذلقتهم في التهويل بالإعراب والتقدير، والبلاغة والأصول، في محاربة الرسول، كما كان يقول شيخنا تقي الدين الهلالي، تفيدهم شيئا ,لأنه من الواضح البيّن أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل شيئا من ذلك، ولا أمر به، ولا أقره، ومن ادّعى خلافه فعليه البيان، وليتق الله، فأن التساهل في الدّواعي مزلقة إلى الهاوية.

على أن ما أفاده الحديث من فضل الذكر الجماعي، وحتى الإدارة عليه، وعقد المجالس له، مسّلم لا غبار عليه، والمقصود: الكيفية المبتدعة في القراءة بصوت واحد ورفعه، وما يضاف إلى ذلك من بدع إضافية كالتغني والرقص وغير ذلك ... .

ومفهوم الحديث المنطبق على ما جرى به عمل السلف الصالح في الأعصر المشهود لها بالخير،يصدق بمجرد الإجتماع لها في بيوت الله على التلاوة والدراسة، فإذا اجتمع المسلمون في مسجد، واشتغلوا بالتلاوة سرا وانفرادا، شملهم الحديث جزما، وإذا اجتمعوا واستداروا وقرأ واحد وهم يستمعون بحيث لا تشويش على مصل، شملهم الحديث حتما، وهو ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعله، وإذا عقدت مجالس التفسير والفقه في المساجد، وقد وفقنا الله إليها وله الحمد والمنة منذ نصف قرن، فهي داخلة في مفهوم الحديث قطعا،أما الكيفيات المبتدعة، على فرض تسليمها من المحاذير، كالإجتماع بالإستدارة، والجهر، ورفع الصوت، والقراءة والذكر المتساوق، فلا يشهد لها الحديث أبدا، ولو اجتهد الإنس والجن على ليّ عنقه ومحاولة تأوليه، ويعجبني قول الحافظ أبو الفداء عماد الدين ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند آية: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [سورة النجم 39]،وقد قرر أن قراءة القرآن لا تنفع الميّت،ولا يصلهم من ثوابها شيء، لأنها ليست من عمله، وهو في هذا مخالف لمذهبه، قال:"ولو كان خيرا لسبقونا إليه".

ومن طريف تعقيب الفقيه على قول ابن حجر الهيتمي المكي بأن الحجاج بن يوسف أول من ابتدع الجهر بالقرآن وبالإجتماع بالشام، تعقبه الفقيه مستغربا قوله - مع تصريح الأدلة بالجوازكما زعم -على أنّ نقول الفقيه عن الطرطوشي، والنووي، وابن رجب الحنبلي، وغيرهم كثير ممن لم يذكر،يمكن تنزيلها على المفهوم الصّحيح السّليم، وأنهم:

- أولا: لا يعرفون ما ابتدع في المغرب من تلك الكيفية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير