ومعناه واضح، لا يخرج عن المفهوم اللاّئح، وهو اجتماع المسلمين على اختلاف أجناسهم في المسجد لحفظ القرآن، وهذا حاصل إلى الآن في الحرمين الشريفين وغيرهما، وقد رخّص الفقهاء في القراءة جهرا مع المدرّر للتحفيظ، وإقامة التّلاوة بالتلقين، وهي رخصة مؤقتة، وننبّه الفقيه وفقنا الله وإياه إلى أمر مهم، وهو دلالة الحديث على تحريم أخذ الأجرة على التلاوة التي يمارسها من يسميهم: (إخواني)، من (الخرابة)، أصحاب (ليالي اللّحم بالبرقوق، وألف فرنك من فوق)، كما قالوا من قبل، أما اليوم فقد (طلع الصرف).
وقد أباح الشّيخ عبد الله ابن الصديق في [إتقان الصنعة] أخذ الأجرة عن التلاوة - فيما أحسب - فقد طال العهد به.
الحديث التاسع:
حديث أبو حمزة أنس بن مالك مرفوعا:" ما من قوم يذكرون الله عز وجل لا يريدون إلا رجهه ... إلخ.
وهو حديث حسن لغيره، لا يشمل إلا من وصفهم بالإجتماع على الذكر بالمفهوم السّلفي، مع الإخلاص لله تعالى، ولا يشمل الذاكرين بالكيفية المبتدعة، وابتغاء أجر معجّل،" وكل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ". كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
الحديث العاشر:
حديث أبي الردين مرفوعا:" ما من قوم يجتمعون على كتاب الله يتعاطونه بينهم ... إلخ.
وهو حديث ضعيف، والمجتمعون على تعاطي كتاب الله تعالى هم طلبة العلم الشرعي، من حفظة الكتاب العزيز، والدّارسين لمعانيه، والمتفهمين والمتفقهين فيه، حسبة لله، سواء كانوا في المعاهد أو المساجد، ليسوا جزما من ينتصبون ب: [باب المقابر] للقراءة على القبور بدريهمات، يتبعون النساء، ويتوسلون إليهن بشكل مزر بكرامة القرآن الكريم، وحملته من المسلمين، لكن ماذا نعمل؟ وعلماؤنا قالوا بأن ذلك حسن، وأنه ينفع الميت، ويجوز أخذ الأجرة عليه، والله المستعان، وإليه الشكوى.
الأحاديث الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر:
وهي بين الصحيح والحسن، كلها متواردة في معنى واحد، وهذا المعنى المكرر المقصود في عامة هذه الأحاديث، ما صح منها وما لم يصح، وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وهو أمرهم المشترك المتوارث إلى زمن الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي إمام دار الهجرة: " ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ "، ولأمر ما أنكر الإمام مالك ما ابتدعه المبتدعون مما يشبه ما يدافع عنه الفقيه، معتقدا مشروعيته واستحبابه، افتياتا على الله ورسوله، ونصرة للهوى، ونتساءل لماذا أمر الإمام مالك رحمه الله بإخراجهم من المسجد النبوي، والعبادة فيه مضاعفة؟ ثم كيف يتعمد متأخرو المالكية مخالفته وتحديه!؟ وهم يزعمون أنهم يقلدونه، وأنه إمامهم الأثير، والحجة بينهم وبين الله، ألا ساء ما يزرون ويفترون.
حديث الخامس عشر:
وهوحديث يعلى بم شدّاد:" هل فيكم غريب؟ ... إلخ.
وهو حديث ضعيف، فلا معنى للاشتغال به، ومن الطّريف في فقه الفقيه قوله مستنبطا من الحديث!؟:" والظاهر أن هذا أصل اجتماع النّاس على الذكر بقول: {لا إله إلا الله}.
وأثر أبي هريرة رضي الله عنه في أمر السّوق بالذهاب إلى المسجد لإقتسام ميراث محمد ... إلخ. ضعيف وهو وجادة.
الحديث السابع عشر:
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:" أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يحجزه شيء عن القراءة، ليس الجنابة "،
وهو حديث صحيح إلا أن ما استنبط منه الفقيه في منتهى الغرابة، إلا أن يكون من العلم الّلدنّي، والفتح الرباّني!!! وإلا فالحديث مشرق، والموضوع مغرب.
الحديث الثامن عشر:
وكذلك الحديث الثامن عشر لا يخرج عن الذي قبله فهما في حيز الفتوحات الإلهية والكواشف الربانية.، والله المستعان.
الحديث التاسع عشر:
وهو حديث صحيح، ولكنه أجنبي عن الموضوع، لأنه وصف قراءة الأشعرين ليلا في تهجدهم، وهو كما قيل في وصف قراءة الشّراة من الخوارج:" إن لهم دويّا كدويّ النّحل "، وهذا غير ما نحن فيه يا فقيه!!!.
¥