لكنه حديث ضعيف، ويقال فيه ما قيل في السالف واللاحق.
الحديث التاسع والعشرون:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: " وإذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد ... إلخ.
وهو حديث صحيح رواه مسلم، وله نظائر، ولو قال الفقيه عفا الله عنا وعنه: كل الخطاب في الكتاب والسنة بصيغة الجمع يأمر بقول شيء فهو يدل على مشروعية القول الجماعي بصوت جهير، ولو قال هذا أولا لأراح واستراح، ولما أتعب نفسه، وأتعبنا في جلب أحاديث لا تمت إلى الموضوع بصلة.
الحديث الثلاثون والواحد والثلاثون:
حديث عبد الله بن عباس وابن رواحة رضي الله عنهم في تفسير آية {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه}. [الكهف:28]
وحديث خالد بن معدان موقوفا - قال - الفقيه وله حكم الرفع:" لله ملائكة يسبحون تحت العرش ... إلخ.
- والحديثان ضعيفان، والغريب أن الفقيه لما فرغ من حديث الإنس تناول حديث الملائكة، وكيفية ذكرهم، ولا يشهد لمدعاه بحال من الأحوال، وحتى لو صح، وجاء في الذكر جماعة وبصوت واحد جهرا لما لزمنا معشر الإنس، لأن للملائكة أحكامهم تبعا لطبيعتهم النورانية.
الحديثان الثاني والثلاثون، والثالث والثلاثون:
حديث سلمان، وحديث أبي رزين، وهما ضعيفان كذلك، ومع ذلك فإنه في الحديث الأول ما يدحض زعم الفقيه، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أقبل عليهم كفوا، فسألهم: ما كنتم تقولون؟ فلو كانوا يذكرون جهرا بصوت واحد لسمعهم، وقد مرّ لهذا الحديث نظيران.
الحديث الرابع والثلاثون:
حديث لأبي هريرة مرفوعا قدسيا:يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني ... إلخ.
وهو حديث صحيح لا غبار عليه، إلا أنه لا دليل فيه لمدّعى الفقيه، وقد سبقه إلى هذه الدعوى الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه: نتيجة الفكر، في الجهر بالذكر، ثم تلقفه منه الشيخ الزمزمي قبل توبته من التصوف والزاوية، واحتج به في رسالته: الإنتصار، لطريق الصوفية الأخيار، وليس فيه دليل، وهو كحديث: (من دخل السوق فقال:" لا إله إلا الله ... ")، وهو حديث صحيح احتج به السيوطي، ولا دلالة فيه بأي نوع من أنواعها على المدّعى الذي هو الذكر بصوت واحد من جماعة جهرا.
وبقية الأحاديث وهي ما بين متردية ونطيحة، ليس فيها ما يتطلب النظر،إلا ارتجاز الصحابة في حفر الخندق، ورد النبي صلى الله عليه وسلم،وهو صحيح ثابت، وإن لم يكن صريحا في الكيفية، وقد استغله الفقيه في الاستدلال على التناوب على ذكر المرتزقة، "الخرابة "، ومعاذ الله أن يكون شاهدا لبدعتهم، نعم، وهو يصلح للإستدلال لما يسمى بالأناشيد الإسلامية الحماسية، إن سلمت من المآخذ، وهذه غير قراءة القرآن والتسبيح و التهليل والتكبير والاستغفار في المساجد والزوايا، وهذا واضح.
أما أثر تكبيرالناس، وقولهم: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فهو ترحيب بمقدمه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، كقول اليهودي، وهو على أطم من آطام المدينة:" يا بني قيلة - الأنصار - هذا جدكم. أي: شرفكم وذكركم.
أما قول الولائد والصبيان في مقدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة
تبوك:" طلع البدر علينا ... " فلا يصح، والناس يعتقدون أنهم استقبلوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة، وقد نصّ العلماء على علة الحديث بل الأثر وضعفوه.
وبعد هذه الجولة المتعبة مع الفقيه وفقنا الله وإياه إلى ما فيه رضاه، خلال أربعين حديثا فيها نسبة كبيرة نوعا من الضعاف،كأن جلبها يومئ إلى التهويل والإحراج، وكان بمقدور الفقيه أن يجاب منها المئات كما أشرت سابقا، والآن أزيد ألفا من الأحاديث المختلفة المراتب، بشرط أن تكون على مفهوم الفقيه من توجيه الخطاب العام فيها إلى الجماعة، ثم يحمّل معناها ما لا تحتمل من قريب ولا من بعيد، من الذّكر بالإستدارة أو بدونها، ولكن بصوت واحد جهرا، كما جرى به العمل في المغرب العربي وإفرقية المسلمة.
الموقف الخامس من الخاتمة:
¥