تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(1) المناوي - فيض القدير شرح الجامع الصغير: 4/ 196، دار المعرفة - بيروت، ط الثانية 1391 هـ /1972 م.

(2) 1/ 51، وأخرجه كذلك العُقَيلي في " الضعفاء ": 2/ 134، وابن حِبَّان في "، ومما يُقوِّى ذلك أنَّ الهيثمي عزاه في " مجمع البحرين ": للأوسط فحسب.

في نصٍّ آخر في موضعٍ مُخالفٍ تماماً لما جاءت عليه في النَّصِّ الأوّل، ومثال ذلك: ما رواه البُخاري (3) مُسلمٌ (4) وأصحاب السُّنن عن أبي هُريرة-والّلفظ لمُسلمٍ - أنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إذَا أُقِيْمَتِ الصَّلاةُ فَلا تَأْتُوهَا وَأنْتُم تَسْعُونَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ،وَعَلَيْكُمُ السَّكِيْنَةُ، فَمَاأدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأتِمُّوا " (1).وبمقابل هذا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْن آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوا إلى ذِكْرِ اللهِ، ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُم تَعْلَمُون} (2).

فالملاحظ أنَّ الآية تحثُّ على السَّعي إلى الصَّلاة، والحديث ينهى عن السَّعي إلى الصَّلاة وعلى هذا فإن اعترض معترضٌ، أو استشكل أمرؤٌ فعنده ما يستند إليه، وأغلب الظَّنِّ أنَّ الاستشكال قد حصل، لأجوبة العلماء وكلامهم على الحديث والآية، فمثلاً ذكر النَّوويُّ (3) في شرحه للحديث ما يُشعر بذلك فقال: (فيه النَّدب الأكيد إلى إتيان الصَّلاة بسكينةٍ ووقارٍ، والنَّهي عن إتيانها سعياً سواءٌ فيه صلاة الجمعة وغيرها، سواءٌ خاف فوت تكبيرة الإحرام أم لا، والمراد بقول الله تعالى " فاسعوا إلى ذكر الله: الذَّهاب، يقال: سعيت في كذا أو إلى كذا إذا ذهبت إليه وعملت فيه).

وذكر ابن كثيرٍ في تفسيره للآية أنَّ السَّعي هو الاهتمام فقال (4): (أي اقصدوا واعمدوا اهتموا في سيركم إليها، وليس المراد بالسَّعيِّ ها هنا المشي السَّريع، وإنَّما هو الاهتمام بها، كقوله تعالى: {وَمَنْ أرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ} (5)) ومثل هذا

(3) الصحيح،الأذان /21 لا يسعى إلى الصلاة، وليأت بالسكينة والوقار:1/ 156.

(4) الصحيح،المساجد /28 باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة: 1/ 420 رقم (602)،وأخرجه كذلك:أبو داود،الصلاة/ السعي إلى الصلاة:1/ 156 رقم (572)،والتِّرمِذي،أبواب الصلاة /244 باب ما جاء في المشي إلى المساجد:2/ 148 - 149 رقم (327)،والنَّسائي،الإقامة /السعي إلى الصلاة:2/ 114 - 115،وابن ماجه،المساجد/ المشي في= = الصلاة:1/ 255رقم (775) والدَّارمي في "السنن": 1/ 293 - 294،ومالك في "الموطأ":1/ 58،وأحمد في "المسند": 5/ 310،وابن خُزيمة في "الصحيح":3/ 139.

(1) الصحيح: 1/ 156

(2) سورة الجمعة: 9.

(3) شرح صحيح مسلم: 5/ 99.

(4) تفسير القرآن العظيم: 4/ 365.

(5) سورة الإسراء: 19.

التَّفسير مرويٌّ عن الشَّافعي- رحمه الله - حيث يقول (6): (ومعقولٌ أنَّ السَّعي في هذا الموضع العمل لا السَّعي على الأقدام، قال تعال: {إنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} (7) قال: {وَمَنْ أرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ} قال: {وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورَاً} (8) وقال: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيْهَا} (9). وممَّا يؤيِّد هذا الفهم، ما رواه البَيْهقيُّ (1): عن عبدالله بن الصَّامت قال: خرجت إلى المسجد يوم الجمعة، فلقيت أباذرٍ - رضي الله عنه - فبينا أنا أمشي إذ سمعت النِّداء، فرفعت في المشي لقول الله عز وجل {إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوا إلى ذِكْرِ اللهِ} فجذبني جذبةً كدت أن أُلاقيه فقال: " أو لسنا في سعيٍ"؟ لذلك كان عمر بن الخطَّاب وابن مسعودٍ - رضي الله عنهما - يقرآنها: فامْضُوا إلى ذكر الله بدلاً من فاسعوا، (2) وهو ما يؤيِّد ما قدَّمت من أجوبةٍ للعلماء، وأفعالٍ للصَّحابة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير