(1) القدر /باب حجاج آدم وموسى4/ 2044 رقم (2653)، والتِّرمِذيُّ،القدر /باب 2: 4/ 458 رقم (2156)، وابن وهب في "القدر": 101، تحقيق: د. عبد العزيز عبد الرحمن، دار السلطان للنشر، ط الأول 1406 هـ / 1986 م، وأحمد في " المسند": 2/ 169، وعبد بن حميد في " المنتخب ": 136 - 137، وعثمان الدارمي في " الرد على الجهمية ": 320، وابن حِبَّان في " الصحيح ": 14/ 5 والآجري في " الشريعة ": 176، وابن منده في "التوحيد":92 - 93، تحقيق: د. علي الفقيهي، طبع الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة، والبيهقي في "الأسماء والصفات ": 374 و"الاعتقاد": 56.
(2) انظر: البُخاري،القدر /11تحاج آدم وموسى: 7/ 214، ومُسلم،القدر /حجاج آدم وموسى: 2/ 2043 رقم
(2652) والتِّرمِذي،القدر /2 ما جاء في حجاج آدم وموسى: 4/ 444 رقم (2134)، ومالك، القدر /النهي عن القول بالقدر: 2/ 751، والحُمَيدي في " المسند ": 2/ 475 رقم (1116)، وابن أبي عاصم في " السنه ":1/ 64 رقم (140)،وابن خُزَيمة في "التوحيد": 54، وابن حِبَّان في " صحيحه " كما في " الإحسان ": 14/ 94 رقم (6211)، والآجري في " الشريعه ": 181، والبيهقي في " الأسماء والصفات ": 232 - 233 وفي " الاعتقاد ": 57.
فالسَّامع لهذين الحديثين قد يجد فيهما تأييداً لمذهب الجبريَّة (3)، ومُتمَسَّكاً قد يتمسَّكُون به، ولذلك اجتهد المعتزلة في ردِّ هذا النَّوع من الأحاديث. وقد مرَّ معنا أثناء الحديث عن الأهواء كسببٍ من أسباب التَّعارض (4) بعض الاعتراضات الَّتي تفوَّه بها غيرهم على ألسنتهم للتَّنقيص من الأحاديث والرِّواية ومن ذلك قول الرَّجل-على حديث آدم وموسى-: " أين التقيا "؟!.
وقد يُردُّ على ذلك بأنَّ الاعتراض الماضي من قبيل التَّشغيب، لا من قبيل الحجَّة والاستدلال. ولهذا نستطيع القول أنَّ أعظم حججهم ما نقله القاضي عبد الجبار (1) عن أبي علي الجُبَّائِيِّ في جوابه لمن سأله عن سبب تضعيف حديث احتجاج آدم وموسى في حين أنَّه صحَّح أحاديث بنفس الإسناد فأجاب: أفليس إذا كان ذلك عُذراً لآدم يجب أن يكون عُذراً لكلِّ كافرٍ وعاصٍ، وأن يكون من لامهم محجوجاً؟؟.
وقد تبنَّت كلُّ فرقةٍ في هذا الحديث ما فهمته منه، بناءً على سابق أفكارٍ حملها كلُّ من تكلَّم في الحديث نفياً أو إثباتاً أو تأويلاً. قال ابن تَيْميَّة (2): " وقد ظنَّ كثيرٌ من النَّاس أنَّ آدم احتج بالقدر السَّابق على نفي الملام على الذَّنْب، ثمَّ صاروا لأجل هذا الظنِّ ثلاثة أحزابٍ:
فريقٌ كذِّبوا بهذا الحديث كأبي علي الجُبَّائيِّ وغيرِهِ، لأنَّه من المعلوم بالاضطرار أنَّ هذا خلاف ما جاءت به الرُّسل، ولا ريب أنَّه يمتنع أن يكون هذا مراد الحديث، ويجب تنزيه النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - بل وجميع الأنبياء وأتباع الأنبياء أن يجعلوا القدر حجَّة لمن عصى الله ورسوله.
وفريقٌ تأوّلوه بتأويلاتٍ معلومة الفساد: كقول بعضهم إنَّما حجَّه لأنَّه كان أباه، والابن لا يلوم أباه، وقول بعضهم لأنَّ الذَّنب كان في شريعةٍ، والملام في أُخرى، وقول بعضهم لأنَّ الملام كان بعد التَّوبه، وقول بعضهم: لأنَّ هذا تختلف فيه دار الدُّنيا ودار الآخرة
(3) قال ابن حجر في " فتح الباري ": 11/ 509، قال ابن عبد البَرِّ: وليس فيه حجَّةٌ للجبريَّة، وإن كان في بادئ الرَّأي يساعدهم.
(4) انظر: الرافعي - التدوين:4/ 188.
(1) فضل الاعتزال: 289.
(2) انظر: مجموع الفتاوى: 8/ 304 - 305.
وفريقٌ ثالثٌ: جعلوه عمدةً في سقوط الملام عن المخالطين لأمر الله ورسوله، ثمَّ لم يمكنهم طرد ذلك، فلابدَّ في نفس معاشهم في الدُّنيا أن يُلام من فعل ما يضر لنفسه وغيره، لكن مثل من صار يحجُّ بهذا عند أهوائه وأغراضه، لا عند أهواء غيره كمتا قيل في أهواء هؤلاء أنت عند الطَّاعة قدريٌّ وعند المعصية جبريٌّ.
وحتى نستطيع فهم هذا الحديث وفق أُصول أهل السُّنَّة والجماعة، وإزالة الإشكال الّذي يتبادر إلى الذِّهن من تأييد هذا الحديث لمذهب الجبريَّة، ومن يحتج على فعل المعاصي بالقدر، يجب أنْ نفهم أصل نظرة أهل السُّنَّة للقدر. إذ " الإيمان بالقدر يقع على درجتين: (3)
¥