تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(4) كذا في الأصل، وأظن الصَّواب: " نوع الإنسان ".

إذاً لم يكن موسى قدريَّاً لأنَّه لم يعاتبه لأجل الذَّنب، بل لأجل المصيبة، ولو كان آدم جبريَّاً لما تاب (5).

ثانياً: التَّعارض مع أحاديث تفيد تغيُّر القدر والمكتوب.

إذا سلَّمنا بأنَّ عمل المرء وأجله ورزقه وكلَّ ما يتعلَّق به مقدرٌ ومكتوبٌ، حسب رواية

مُسلمٍ الآنفة الذِّكر:"كَتَبَ الله مَقَادِيْرَ الخَلائِقِ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بخَمْسِينَ ألفَ سَنَةٍ ". وأنَّ هذه الكتابة قطعيَّةٌ، لأنَّها صادرةٌ عن العلم الإلهيِّ الأزليِّ المحيط 0 ويوضِّح ذلك ويجليه رواية حُذيفة بن أسيد التي أخرجها مُسلمٌ (1) أنَّ النَّبيَّ-صلّى الله عليه وسلّم-قال:" يَدْخُلُ المَلَكُ عَلى النُّطْفَة بَعْدَمَا تَسْتَقِرَّ في الرَّحْمِ بِأرْبَعِينَ، أو خمْسَةٍ وأرْبَعِينَ لَيْلَةٍ، فَيَقُولُ: يَا رَبّ! أشَقِيٌّ أم سَعِيدٌ؟ فَيَكْتُبان، فَيَقُولُ: أي رَبّ! أذَكَرٌ أم أنْثَى؟ فَيَكْتُبَان، وَيَكْتُب عَمَلَهُ وَأثَرَهُ وَأجَلَهُ وَرِزْقَهُ، ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ، فَلا يُزَادُ فِيْهَا وَلا يُنْقَصُ ".

أذاً فالرِّزق، والأجل، والعمل كلُّ ذلك مكتوبٌ مقدَّرٌ لا يُزاد فيه ولا يُنقص، إلاّ أنَّ أحاديث وردت تفيد نقصان الأجل والزِّيادة فيه، أو تغيُّر القدر والمكتوب، مما يوهم تعارضاً وتناقضاً. ومثال ذلك ما مرَّ معنا من أحاديث زيادة العمر بالبِرِّ وصلة الرَّحم. وقد تكلَّمت عنه في الفصل الأول من الباب الثَّاني بما لا مزيد عليه، فلا أعيد.

ومن الأمثلة كذلك ما رواه التِّرمِذيُّ (2) عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يَرُدُّ القَضَاءَ إلاّ الدُّعاءَ، وَلا يَزِيْدُ في العُمْرِ إلاّ البرَّ ".

(5) للَّتوسُّع في قضية الاحتجاج بالقدر، أُنظر: مرعي بن يوسف الحنبلي - " دفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر " مخطوط بدار الكتب الوطنيه بتونس، تحت رقم (7865).

(1) الصحيح،القدر /كيفية الخلق الآدمي:4/ 2037،وأخرجه كذلك الحُميدي في " المسند":2/ 364 رقم (826) وأحمد في " المسند ": 4/ 6 - 7، وابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني": 2/ 257 - 258 تحقيق: د. باسم فيصل الجوابره، دار الراية - الرياض، ط الأولى 1411 هـ/ 1991 م 0 والطَّبراني في " المعجم الكبير": 3/ 176 رقم (3039).

(2) القدر /6ما جاء لايرد القدر إلا الدعاء: 4/ 448 رقم (2139)، والطَّحاويُّ في" مشكل الآثار ": 8/ 78 رقم (3068)،والطبرانيُّ في" المعجم الكبير":6/ 251 رقم (6128) وفي "الدعاء":2/ 799 رقم (30) تحقيق: د. محمد سعيد البخاري، دار البشائر الاسلامية - بيروت، ط الأولى 1407 هـ /1987 م. والقُضَاعِيُّ في " مسند الشهاب ": 2/ 36 - 37 رقم (833). وفي إسناده ضعفٌ لوجود أبي مودودٍ، ولكنَّ للحديث شواهد يتقوَّى بها، منها حديث ثوبان الذي أخرجه الحاكم في " المستدرك " 1/ 493 وغيره

ولفهم هذا الحديث يجب معرفة علاقة الدُّعاء بالقدر، وقبل ذلك علاقة الأعمال بالقدر، لأنَّ الدُّعاء عملٌ.

قال ابن القيِّم (3): " فإنَّ العبد ينال ما قُدِّر له بالسَّبب الّذي أُقدر عليه، ومُكِّن منه، وهٌيِّىء له، فإذا أتى بالسَّبب أوصله إلى القدر الّذي سبق له في أُمِّ الكتاب، وكلما ازداد اجتهاداً في تحصيل السَّبب، كان حصول المقدور أدنى إليه، وهذا كما إذا قُدِّر له أن يكون من أعلم أهل زمانه، فإنَّه لا ينال ذلك إلاّ بالاجتهاد والحرص على التَّعلُّم وأسبابه، وإذا قُدِّر له أن يُرزق الولد، لم ينل ذلك إلاّ بالنِّكاح أو التَّسرِّي والوطء " ....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير