(3) حديث صحيح رواه مُسلمٌ،الطهارة /الصلواتالخمس والجمعة إلى الجمعة: 1/ 209 رقم (233)، والتِّرمِذيُّ،الصلاة /106ما جاء في الصلوات الخمس: 1/ 418 رقم (214)، وابن ماجه،إقامة الصلاة /79 فضل الصلاة: 1/ 345 رقم (1086) دون قوله: " الصَّلوات الخمس " والطَّيالِسيُّ في " المسند ": 324 رقم (2470) وأحمد في " المسند: 2/ 400، 414، 484، وابن خُزَيمة في " صحيحه ": 1/ 162 رقم (314) وابن حِبَّان في " صحيحه "كما في " الإحسان ": 5/ 24 - 25 رقم (1733) والبَيْهقيُّ في " السنن الكبرى ": 2/ 467 و10/ 187.
(4) انظر: الإسفراييني - التبصير في الدين: 45. ود. عامر النجار - الخوارج: 114 - 121 عالم الكتب -بيروت، ط الأولى 1406 هـ - 1986 م.
(5) انظر: السالمي - بهجة الأنوار: 188.
السَّالمي (6):"اعلم أنَّ للكبائر أحكاماً منها ما يكون في الآخره وهو الخلود في النَّار والعياذ بالله ".
- وترى المُعتزلة أنَّ مرتكب الكبيرة لا يُسمى مؤمناً ولا يُسمى كافراً، وإنَّما هو في منزلةٍ بين المنزلتين، وقد شرح القاضي عبد الجبار هذا المصطلح فقال (1): " وأمَّا في اصطلاح المتكلِّمين فهو العلم بأنَّ لصاحب الكبيرة اسمٌ بين الاسمين، وحُكْمٌ بين الحُكْمين .... وذهب واصل بن عطاء إلى أنَّ صاحب الكبيرة لا يكون مؤمناً ولا كافراً ولا منافقاً، بل يكون فاسقاً ".
والمعتزلة يُقرُّون بالمنزلة بين المنزلتين فيما يخصُّ التَّسميَّة ليس إلاّ، أمَّا فيما يخصُ الجزاء فإنَّهم يلتقون بالرَّأي مع الخوارج لأنَّ مرتكب الكبيرة خالدٌ مخلَّدٌ في النَّار يُعذَّب فيها أبد الآبدين، ودهر الدَّاهرين " (2)
وذهبت الزَّيديَّة إلى مثل ما ذهبت إليه المعتزلة من شأن صاحب الكبيرة، فقال علي شرف الدين من الزَّيديَّة (3): " وأمَّا الزَّيديَّة وسائر العَدْليَّة فقالوا من مات مؤمناً فهو من أصحاب الجنَّة خالداً فيها أبداً، ومن مات كافراً أو عاصياً لم يتب فهو من أصحاب السَّعير خالداً فيها أبداً ".
وبمقابل هؤلاء كان هناك المُرجئة الّذين يكتفون بمجرَّد التَّصديق لحصول الإيمان، ويرون أنَّه " لا تضرُّ مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة ". وبالتَّالي فإنَّ مرتكب الكبيرة يبقى على أصل إيمانه في الدُّنيا ويُرجىء الحكم النِّهائي بشأنه في الآخرة.
وبين هؤلاء وهؤلاء كان أهل السُّنَّة كتوسطٍ بين نقيضين، حيث حكموا بأنَّ مرتكب الكبيرة يتناوله اسم الإيمان، إذ إنَّ " اسم الإيمان لا يزول بذنبٍ دون الكفر، ومن كان ذنبه دون الكفر فهو مؤمنٌ وإن فسق بمعصيةٍ " (4).
(6) المصدر السابق: 178.
(1) شرح الأُصول الخمسة: 137 - 138.
(2) المصدر السابق: 666.
(3) انظر: الزيدية نظرية وتطبيق: ص 76، ط الأولى 1405 هـ - 1985 م.
(4) انظر: البغدادي - الفرق بين الفرق: 351.
ولهذا فهم " لا يشهدون على أحدٍ من أهل الكبائر بالنَّار، ولا يحكمون بالجنَّة لأحدٍ من الموحِّدين، حتَّى يكون الله - سبحانه- يُنزلهم حيث يشاء، ويقولون: أمرهم إلى الله، إن شاء عذَّبهم وإن شاء غفر لهم، ويؤمنون بأنَّ الله سبحانه يخرج قوماً من الموحِّدين من النَّار على ما جاءت به الرِّوايات عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - (1).
بعد هذه الإطالة في بيان مذاهب الفِرق بشأن مرتكب الكبيرة، أُشير إلى أنَّه قد جاءت بعض الأحاديث يؤيِّد ظاهرها ما ذهبت إليه المرجئة، وأحاديث يؤيِّد ظاهرها ما ذهبت إليه الخوارج والمعتزلة وهو ما يتعارض مع نظرة أهل السُّنَّة، ثمَّ إنَّ هذه الاحاديث تتعارض فيما بينها وهذا بيانها:
أوّلاً: أحاديث تدلُّ على أنَّ الكبيرة لا تؤثِّر في الإيمان،وهو ما يُوهم تأييد مذهب المُرجئة، مثاله ما رواه البُخاريُّ (2) ومُسلمٌ (3) عن أبي ذرٍ - رضي الله عنه - قال: أتيت النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلَّم - وعليه ثوبٌ أبيضٌ وهو نائمٌ، ثمَّ أتيته وقد استيقظ فقال: " مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لا إله إلاّ اللهُ ثُمَّ مَاتَ عَلىذَلِك إلاّ دخل الجنَّة "، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ " قَالَ: وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ ". قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:" وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ " قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:" وَإنْ زَنَى وَإن سَرَقَ رَغْمَ أنْفِ أبي ذَرٍ ".
¥