تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا الحديث قد يُفهم منه أنَّ مجرَّد قول لا إله إلاّ الله مُوجبٌ لدخول الإنسان الجنَّة مع ما ارتكب من خطايا وآثامٍ،ولهذا ترجم ابن حِبَّان عندما روى معنى الحديث بقوله (4):"ذِكر خبرٍ ثانٍ أوهم من لم يُحكم صناعة الحديث أنَّ الإيمان بكامله هو الإقرار بالِّلسان دون أن يُقرنه الاعمال بالأعضاء ".

(1) انظر: الأشعري - مقالات الإسلاميين: 293 - 294.

(2) الصحيح، اللباس/24 الثياب البيض: 7/ 43، وأخرجه في مواطن أُخرى كذلك.

(3) الصحيح، الإيمان /من مات لا يشرك بالله شيئاً: 1/ 95 رقم (94) والتِّرمِذيُّ،الإيمان /18ما جاء في افتراق الأمة: 5/ 27 رقم (2644)، والطَّيالِسيُّ في " المسند ": 60 رقم (444) دون قوله: " وإن زنى وإن سرق "وأحمد في" المسند": 5/ 152، 159، 161، 166، والنَّسائيُّ في " عمل اليوم والليله ": 598 - 600 من رقم (1116 - 1123)، وأبو عَوانة في " المسند ": 1/ 18، وابن حِبَّان في " الصحيح " كمافي الإحسان ": 1/ 392 رقم (169)، وابن منده في "الإيمان ": 1/ 220 - 224 من رقم (81 - 87)، والبغوي في " شرح السنه ": 54 رقم.

(4) انظر: الإحسان:1/ 392.

وهذا الفهم للحديث مع أحاديث أُخرى تدلُّ على أنَّ من قال لا إله إلاّ الله دخل الجنَّة وقد حصل وذهبت إليه بعض الفرق محتجَّةً لمذهبها به وبأمثاله وهم المرجئة كما بيَّنت، ولكنَّ هذه النُّصوص لا تُفهم مُنعزلةً عن غيرها، وعدم استقصاء بقية الطُّرق والأطراف للأحاديث التي تدور حول هذا المعنى هي السَّبب في الفهم الخطأ للأحاديث، ولقد وُفِّق الدكتور يوسف القَرضاوي للاهتداء إلى هذه المسألة حيث جعلها من أساسيات فهم السُّنَّة المُشرَّفة فقال (1):" ومن الّلازم لفهم السُّنَّة فهماً صحيحاً أن تجمع الأحاديث الصَّحيحة في الموضوع الواحد، بحيث يُردُّ مُتشابهها إلى مُحْكمِها، ويُحمل مُطْلقُها على مُقَيَّدِها، ويُفسَّر عامُّها بخاصِّها، وبذلك يتَّضِحُ المعنى المراد فيها، ولا يُضرب بعضها ببعضٍ ".

ولا شكَّ عند الجميع أن كلمة:" لا إله إلاّ الله محمدٌ رسول الله " هي الكلمة التي يُفارق بها المرء الكفر، ويدخل الإسلام أو الإيمان، فعن سِوار بن شَبِيبٍ قال (2): جاء رجلٌ إلى ابن عمر فقال: إنَّ ها هنا قوماً يشهدون عليَّ بالكفر، قال: فقال: ألا تقول لا إله إلاّ الله فتكذِّبهم؟. ولكن الخلاف على الاقتصار على هذه الكلمة هل يُوجب جنَّةً، ويحمي من النَّار أم لا؟ وهل الإتيان بأعمالٍ تُناقضها يمحوها ويُبطلها أم يبقيها؟

فبالنَّظر إلى الأحاديث مجتمعةٍ نرى أنَّ بعض الأحاديث قد قيَّدت قولها بشرط أن لا يكون شاكَّاً بها، أو أن يكون مخلصاً بها قلبه، في أحاديث كثيرةٍ يطول استقصاؤها (3)، وبيَّنَتِ الأحاديثُ كذلك أنَّ على المرء أن يأتي بالشُّعب التَّابعة لهذه الكلمة، والّتي وُصفت في الأحاديث بشُعَبِ الإيمان، حتّى يستكمل الإيمان، وغير ذلك من الأُمور المكملة.

وبالرُّجوع إلى تلك الأحاديث جميعاً يزول ما تُوهِّم بأنَّه تأييدٌ لمذهب المُرجِئة، ونعرف أنَّ هذه الكلمة يترتَّب عليها ما يتبعها من أعمالٍ، وإن كانت " لا إله إلاّ الله " بشِقَّيها حافظةً لصاحبها من لخلود بالنار، لأنَّه تقرَّر أن لن يبقى في النَّار من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من إيمانٍ كما نطق بذلك، حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلّى الله

(1) كيف نتعامل مع السنة: 103.

(2) انظر: ابن أبي شيبة - الإيمان: 10 رقم (31) تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، دار الأرقم - الكويت، ط الثانيه 1405 هـ /1985.

(3) انظر هذه الأحاديث في كتاب الإيمان من صحيحي " البخاري ومسلم " وغيرهما من كتب السُّنَّة، بالإضافة إلى الإيمان لابن أبي شيبة، والإيمان لابن منده وهو من أجمعها وأشملها.

عليه وسلّم -أنه قال (1): " يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إله إلاّ الله وفي قلبه وزن شعيةٍه مِن خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إله إلاّ الله وَفي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ،وَيخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إله إلاّ الله وَفي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ". وفي روايةٍ من " إيمانٍ " مكان" من خيٍر ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير