انظر ترجمته: القاضي عِياض - ترتيب المدارك: 2/ 804 - 808، ابن بشكوال - الصله: 1/ 200 - 202، والضَّبي - بغية الملتمس: 302 - 303، ابن خاقان - قلائد العقبان: 3/ 599 - 605 تحقيق: د. حسين يوسف خريوش، مكتبة المنار - الزرقاء / الاردن ط الأولى 1409 هـ /1989 م. والنباهي - المرقبة العليا: 95، وابن سعيد - المُغرب في حُلى المغرب: 1/ 404 - 405، والذَّهبي - تذكرة الحفاظ: 3/ 1178 - 1183،وسيرأعلام النبلاء: 18/ 535 - 545 وابن فرحون - الديباج المذهب: 120 - 122.
(3) الإشارات في الأصول: 83 - 84.
(4) فراغ في الأصل، وما بين المعكوفين من تقديري.
(5) من الذين رفضوا عمل أهل المدينه وهاجموه بقسوةٍ ابن حزمٍ كما في "المُحلّى": 1/ 55 فقرة 99، والنُبذ في أُصول الفقه الظاهري: 41 - 42، الأحكام في أُصول الأحكام.
(1) مؤلفه د. أحمد محمد نور سيف، دار الاعتصام - القاهرة، ط الأولى 1397 هـ /1977 م.
شيخ الإسلام ابن تيميَّة (2) حيث قال (3): " وفي القرون الّتي أثنى عليها رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - كان مذهب أهل المدينه أصحَّ مذاهب أهل المدائن، فإنَّهم كانوا يتأسُّون بأثر رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أكثر من سائر الأمصار، وكان غيرهم من سائر الأمصار دونهم في العلم بالسُّنَّة النَّبوِّيَّة ... " قال: " ولهذا لم يذهب أحدٌ من علماء المسلمين إلى أنَّ إجماع أهل مدينةٍ من المدائن حجَّةً يجب اتِّباعها غير المدينة، لافي تلك الأعصار ولا فيما بعدها،لاإجماع أهل مكة، ولا الشَّام ولا العراق، وغير ذلك من أمصار المسلمين ".
وقال أيضاً (4): " والتَّحقيق في " مسألة إجماع أهل المدينة " أنَّ منه ما هو متَّفقٌ عليه بين المسلمين، ومنه ما هو قول جمهور ائمة المسلمين، ومنه ما لا يقول به إلاّ بعضهم. وذلك أنَّ إجماع أهل المدينة على أربع مراتب:
الأُولى: ما يجري مجرى النَّقل عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم -، مثل نقلهم لمقدار الصَّاع، والمُدِّ، وكذلك صدَقَة الخضروات والأحباس، فهذا ما هو حجَّةٌ باتِّفاق العلماء.
المرتبة الثَّانية: العمل القديم بالمدينة قبل مقتل عثمان بن عفَّان، فهذا حجَّة في مذهب مالك، وهو المنصوص عن الشَّافعيِّ ..... وكذا ظاهر مذهب أحمد: أنّ ما سنَّه الخلفاء الرَّاشدون فهو حجَّةٌ يجب اتِّباعها.
المرتبة الثَّالثه: إذا تعارض في المسأله دليلان كحديثين وقياسين، جُهل أيُّهما أرجح وأحدهما يعمل به أهل المدينه ففيه نزاعٌ، فمذهب مالكٍ والشَّافعيِّ أنَّه يرجح بعمل أهل المدينة، ومذهب أبي حنيفة أنَّه لا يرجح بعمل أهل المدينة.
أمَّا المرتبة الرَّابعة: فهي العمل المتأخِّر بالمدينة،فهذا هل هو حجَّة ٌشرعيَّةٌ يجب اتِّباعه أم لا؟ فالّذي عليه أئمة النَّاس أنَّه ليس بحجَّةٍ شرعيَّةٍ، هذا مذهب الشَّافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم ".
وبناءً على ذلك إذا تعارض حديث مع عمل أهل المدينة، فإلى أيهما يجب المصير؟
يرى المالكيَّة تقديم عمل أهل المدينة على الحديث، وبهذا فإنَّهم يُرجِّحون العمل على الأحاديث. وقد ذكر القاضي عِياضٌ (1) عن ابن القاسم، وابن وهبٍ: " رأيت العمل عند
(2) وقد ألّف رسالةً في هذا الشأن سماها " صحة مذهب أهل المدينة " مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى: 20/ 294 - 396، وطُبعت مفردة كذلك.
(3) مجموع الفتاوى: 20/ 299.
(4) المصدر السابق: 303 - 310 بتصرفٍ واختصارٍ شديدٍ.
مالك أقوى من الحديث ". ونقل عن ربيع’ أنَّه قال: " ألفٌ عن ألفٍ، أحبُّ من واحدٍ عن واحدٍ ".
وقال القاضي عياض (2): " ولا يخلو عمل أهل المدينة مع أخبار الآحاد من ثلاثة وجوهٍ: إمَّا أن يكون مطابقاً لها فهذا آكد في صحتها إن كان من طريق النَّقل، وترجيحه إن كان من طريق الاجتهاد ..... وإن كان مطابقاً لخبٍر يعارضه خبرٌ آخر كان عملهم مرجَّحاً لخبرهم، وهو أقوى ما ترجح به الأخبار إذا تعارضت ..... وإن كان مخالفاً للأخبار جمةًه، فإن كان إجماعهم من طريق النَّقل ترك له الخبر بغير خلافٍ عندنا في ذلك، وعند المحقِّقين من غيرنا على ما تقدَّم ".
إذاً فالمالكيَّة يرون أنَّ الحديث مرجوحٌ إن تعارض مع عمل أهل المدينة وهو محور النِّزاع مع غيرهم في هذه المسألة.
¥