تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عليه وسلّم - دخل المسجد، فدخل رجلٌ فصلّى ثمَّ جاء فسلّم على النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - فردَّ النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلّم - عليه السَّلام، فقال: " ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ". فصلَّى ثمَّ جاء فسلَّم على النَّبِّي - صلّى الله عليه وسلَّم - فقال: " ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ " ثلاثاً. فقال: والّذي بعثك بالحقِّ فما أُحسن غيره فعلِّمني، قال: " إذَا قُمْتَ إلى الصَّلاة فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأ مَا تَيَسِّرَ مَعَكَ مِنَ القُرآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعَاً ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً،ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدَا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسَاً، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدَاً، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا ".

فهذا حديثٌ صحيحٌ يعدُّ أصلاً - بكامل طرقه - في هيئة الصَّلاه وصفتها. إلاّ أنَّ فيه ما يُوهم الَّذي قدَّمته عن القاعدة، وهو ما فهمه غير واحدٍ من العلماء وأجابوا عنه.

قال ابن الجَوْزِي (): " فإن قيل: كيف جاز لرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أن يُؤخِّر البيان وقت الحاجة فَيُردِّد الرَّجل إلى صلاةٍ ليست صحيحةٍ؟

فالجواب من وجهين:

أحدهما: إمَّا أن يكون ترديده لتفخيم الأمر وتعظيمه عنده، ورأى أنَّ الوقت لم يفته فأراد إيقاظ الفطنة للمتروك.

والثَّاني: أن يكون الرَّجل قد أدَّى قدر الواجب فأراد منه فعل المسنون والمستحب، فيكون قوله: " لم تُصلِّ " يعني الصَّلاة الكاملة ".

قلت: كان من الممكن أن نطلق على هذا المثال تأخير البيان عن وقت الحاجة لو انفضَّ المجلس دون أن يُبيِّن الرَّسول - صلّى الله عليه وسلّم - للرَّجل الصَّواب ويعلِّمه، ولهذا قال ابن حجر: وفيه تأخير البيان في المجلس للمصلحة.

ثالثاً: تعارض الحديث مع ما يُوهم انقطاع التَّكليف بالرُّغم من بقاء شروطه.

من المتَّفق عليه بين المسلمين جميعاً أنَّ المسلم يبقى مكلَّفاً إذا كان عاقلاً بالغاً، ولا يزول عنه التَّكليف إلاّ بزوال أحد هذه الأمور، أو الموت الّذي يُعدُّ هادما لأساس التَّكليف،

والنَّسائي،الافتتاح /فرض التكبيرة الأولى: 2/ 124، وابن ماجه،إقامة الصلاة /72إتمام الصلاة:1/ 336 - 337 رقم (1060)، وأحمد في " المسند ": 3/ 437، وابن خُزَيمة في " الصحيح ": 1/ 299 رقم (590)، والطَّحاوي في " شرح معاني الآثار ": 1/ 233، وابن حِبَّان في " صحيحه ": كما في " الإحسان ": 5/ 212 - 213 رقم (1890) و البَيْهقي في " السنن الكبرى ": 2/ 122 وغير ذلك.

() كشف مشكل الصحيحين: 2/

وما سوى ذلك فالمرء مطالبٌ بأداء التَّكاليف المنوطة به. لا فرق بذلك بين نبيٍّ وغيره، يقول الله - سبحانه - مخاطبا نبيَّه: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِيُن} () واليقين: الموت، كما فسَّره غير واحدٍ، والخطاب هاهنا وإن كان للنَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - إلاّ إنَّه خطاب لأُمَّته أيضاً كما تقرَّر في علم الأُصول ()، إلاّ ما خرج بخصوصِيَّةٍ يختصُّ بها النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلّم -، وهذا لا يثبت إلاّ بدليلٍ كما أشرت إلى ذلك في موضعه.

فإذا كان النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلّم - وهو المغفور له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر مطالباً بالعبادة حتَّى يأتيه الأجل، فماذا نقول عن سائر الأُمَّة إلاّ إنَّه يلزمهم ما لزم النَّبي - صلّى الله عليه وسلّم - من القيام لله، والاستمرار على العبادة، وهذا لا يختلف عليه عاقلان، ولهذا فلا يُتصوَّر عقلاً ولا شرعاً أن يُعفى أحدٌ ما ويخصُّ بترك التَّكاليف،إلاّ إنَّ بعض الأحاديث قد أوهمت هذا فاحتاجت إلى بيانٍ، ومثال ذلك ما رواه البُخاريُّ () ومُسلمٌ () عن علي بن أبي طالب قال: بعثني رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم - والزُّبير وطَلحة والمِقداد بن الأسود فقال: " انْطَلِقُوا حتَّى تَأتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإنَّ بِهَا ظَعِيْنَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا " وسَرَدَ الحديث في سياقٍ طويلٍ في نهايته فقال عمر:" يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. قال: " إنَّهُ شَهِدَ بَدْرَاً، وَمَا يُدْرِيْكَ لَعَلَّ الله أنْ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير