تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدَّاروردي أثبت منهم، وقال أيضاً: الدَّاروردي ما روى من كتابه فهو أثبت من حفظه، انظر: من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال: 93 رقم (289) تحقيق: د. أحمد نور سيف، دار المأمون - دمشق، ومثل هذا مرويٌّ عن أحمد بن حنبل كما ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": 5/ 395 - 396 عن أبي طالب قال:سئل الإمام أحمد بن حنبل عن عبد العزيز الدَّاروردي فقال: " كان معروفاً بالطَّلب، وإذا حدَّث من كتابٍ فهو صحيحٌ، وإذا حدَّث من كتب النَّاس وهم، كان يقرأ من كتبهم فيخطئ، وربَّما قلب حديث عبد الله العُمري يرويه عن عُبيد الله. وقال أبو حاتم عنه: محدِّثٌ، وقال أبو زُرْعة: سيىء الحفظ، فربما حدَّث من حفظه الشَّيء فيخطئ. إذاً فالرجل وثَّقه قومٌ وضعَّفه آخرون من جهة حفظه، وارتضوه إن حدَّث من كتاب، ووضَّح أحمد والنَّسائي أنَّ الخلل يأتي على روايته إن روى عن عبد الله العُمري فيقبله، ومثل هذا يجب أن لا ينزل حديثه عن درجة الحسن والله أعلم.

(2) انظر: تقريب التهذيب: 1/ 512

(3) التاريخ الكبير: 1/ 139

(4) انظر: تعليقه على المحلى: 4/ 129

فالحديث إن لم نقل قد صحَّ سنده فهو لا ينزل عن رتبة الحسن - كما سأبيِّن -.

ثانيهما: ما قيل من تعارض هذا الحديث مع المشاهده والمعاينة -كما قدَّمت- في قول الطَّحاوي الآنف الذِّكر - عن أقوامٍ لم يسمِّهم -. (1)

وقد استشكل غير واحدِ من العلماء هذا الحديث لهذه العلَّة، وقد حرَّر ابن قيِّم الجّوْزيَّة أدلته وأدلة العلماء المُستشكلين، مرَّةً بالإجمال وأُخرى بالتَّفصيل فقال في ردِّه الإجمالي كما في"تهذيب سنن أبي داود": والرَّاجح البَداءة بالرُّكبتين لوجوهٍ.

أحدها: إنَّ حديث وائل بن حُجْرٍ لم يخْتلف علينا، وحديث أبي هُريره قد اختلف فيه كما ذكرنا.

الثَّاني: إنَّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلّم - نهى عن التَّشبُّه بالجمل في بُروكه، والجمل إذا برك إنَّما يبدأ بيديه قبل ركبتيه .......... الخ.

وقال في ردَّه التَّفصيلي على هذا الحديث (2): " وأمَّا حديث أبي هُريره يرفعه: " إذَا سَجَدَ أحَدُكُمْ فَلا يَبْرُكَ كَمَا يَبْرُكُ البَعِيْرِ، وَلْيَضَعَ يَدَيهِ قَبْلَ رُكْبَتَيهِ " فالحديث -والله أعلم- قد وقع فيه وهمٌ من بعض الرُّواة، فإنَّ أوّّله يُخالف آخره، فإذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، فإنَّ البعير إنَّما يضع يديه أوّلا، ولما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا: ركبتا البعير في يديه، لا في رجليه، فهو إذا برك وضع ركبيتيه أوّلاً، فهذا هو المنهيُّ عنه، وهو فاسدٌ لوجوهٍ:

أحدها: إنَّ البعير إذا برك فإنَّه يضع يديه أوّلاً وتبقى رجلاه قائمتين، فإذا نهض فإنَّه ينهض برجليه أوّلاً، وتبقى يداه على الأرض، وهذا هو الذي نهى عنه-صلّى الله عليه وسلّم-وفعل خلافه .......

الثَّاني: إنَّ قولهم ركبتا البعير في يديه كلام لا يُعقل، ولا يعرفه أهل الُّلغة وإنَّما الرُّكبه في الرِّجلين، وإن أُطلق على اللّتين في يديه اسم الرُّكبه فعلى سبيل التَّغليب.

واستدل ابن القيِّم باستدلالاتٍ أُخرى، لا أجد طائلاً من ذكرها.

فكلام ابن القيِّم من أوضح الحجج لمن رفض هذا الحديث، بعد حجج من ضعَّفه، ولكن هل يقبل كلام ابن القيِّم وأحكامه التي أطلقها؟.

(1) 1/ 400.

(2) انظر: زاد المعاد: 1/ 76.

قلت: إنَّ أغلب اعتراضات ابن القيِّم مبنيَّةٌ على المشاهدة، أي مشاهدة أحوال البعير إذا برك، لذا تمسَّك ابن قيِّم الجَوْزيَّة - رحمه الله - بظاهر المشاهد وأنكر خلافه، بل ادَّعى أنَّ ما يقال من أنَّ ركبتي البعير في يديه كلامٌ لا يعقل، ولا يعرفه أهل الُّلغة. والحال غير ذلك، إذ هو منقولٌ عن أهل الُّلغه، ومن كتب في الغريب وغيره، وهذا بيان ذلك:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير