تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القرآن في غير موضع أوجب لهم تعالى به الدرك الأسفل من النار، ونفاق العمل

جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم - (أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن

كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب وإذا

عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا اؤتمن خان) وكقوله - صلى الله عليه وسلم -

(آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا وعد خلف) [7] قال بعض

الأفاضل وهذا النفاق قد يجتمع مع أصل الإسلام ولكن إذا استحكم وكمل فقد ينسلخ

صاحبه عن الإسلام بالكلية وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم [8] فإن الإيمان ينهي

عن هذه الخلال فإذا كملت للعبد لم يكن له ما ينهاه عن شيء منها، فهذا لا يكون إلا

منافقًا خالصًا.

(الأصل الخامس) أنه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد أن

يسمى مؤمنًا، ولا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر أن يسمى كافرًا، وإن كان ما

قام به كفر، كما أنه لا يلزم من قيام جزء من أجزاء العلم به أو من أجزاء الطب أو

من أجزاء الفقه أن يسمى عالمًا أو طبيبًا أو فقيهًا، وأما الشعبة نفسها فيطلق عليها

اسم الكفر كما في الحديث (ثنتان في أمتي هما بهم كفر الطعن في الأنساب والنياحة

على الميت) [9] وحديث (من حلف بغير الله فقد كفر) [10] ولكنه لا يستحق اسم

الكافر على الإطلاق، فمن عرف هذا عرف فقه السلف وعمق علومهم وقلة تكلفهم،

قال ابن مسعود من كان متأسيًا فليتأس بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه

وسلم - فإنهم أبر هذه الأمة قلوبًا وأعمقها وأقلها تكلفًا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه

فاعرفوا لهم حقهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.

وقد كاد الشيطان بني آدم بمكيدتين عظيمتين لا يبالي بأيهما ظفر:

إحداهما: الغلو ومجاوزة الحد والإفراط، والثانية: هي الإعراض والترك والتفريط،

قال ابن القيم لما ذكر شيئًا من مكايد الشيطان: قال بعض السلف: ما أمر الله بأمر

إلا وللشيطان فيه نزغتان، إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا

يبالي بأيهما ظفر، وقد اقتطع أكثر الناس إلا القليل في هذين الواديين وادي

التقصير ووادي المجاوزة والتعدي والقليل منهم جدًّا الثابت على الصراط الذي كان

عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وعد رحمة الله كثيرًا من هذا

النوع إلى أن قال: وقصر بقوم حتى قالوا: إيمان أفسق الناس وأظلمهم كإيمان

جبريل وميكائيل فضلاً عن أبي بكر وعمر، وتجاوز بآخرين حتى أخرجوا من

الإسلام بالكبيرة الواحدة.

هذا آخر ما وجد من هذه الرسالة العظيمة المنافع، القاضية بالبراهين،

والدلائل القواطع، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


(1) ولعل الأصل موالاة المشركين أو الكفار.
(2) رواه أحمد والشيخان وغيرهما.
(3) في الجامع الصغير (من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) رواه
أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة (وحسنه) وفيه من حديثه عند أحمد وأصحاب السنن الأربعة (من
أتى كاهناً فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضًا أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل على
محمد).
(4) كذا ولعل أصله: وليس الفسوق هنا كالفسوق هناك، كما قال في الظلم قبله.
(5) رواه أحمد والترمذي والحاكم وهو حسن.
(6) رواه الحكيم والترمذي.
(7) الحديث الأول رواه الجماعة عن ابن عمر وقيل: إلا ابن ماجه وفي روايات الخصال تقديم وتأخير
، والثاني رواه منهم الشيخان والترمذي والنسائي عن أبي هريرة.
(8) هذا القيد روي في بعض ألفاظ الحديث.
(9) رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة ولفظ مسلم (اثنتان في الناس) ولا تحفظه إلا هكذا.
(10) رواه أحمد والترمذي والحاكم عن ابن عمر وتقدم بلفظ فقد أشرك.

((مجلة المنار ـ المجلد [27] الجزء [8] صـ 585 ربيع الآخر 1345 ـ نوفمبر 1926))

وهاكم الملف:

ـ[أبو سارة المصري]ــــــــ[10 - 06 - 05, 10:05 ص]ـ
جزاك الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير