[بحث: علم الأصوات اللغوية والتجويد]
ـ[المشفقة على أمتها]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 08:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تحريرا في: 9ذي القعدة1427هـ
الموافق: 31 سبتمبر2006م
المقدمة
الحمد لله الذي سبحت باسمه الكائنات وسجدت من خشيته الأرضين و السبع السموات و تصدعت من رهبته الجبال الراسيات و الصلاة و السلام على أشرف المخلوقات محمد بن عبدالله خاتم الرسالات و على آله و صحبه و زوجاته الطاهرات
أما بعد،،،
جاء هذا المبحث بناء على دراسة المقرر (الأصوات اللغوية) ولكنه لم ينبن على ما قاله المحدثون و إنما جاء استطلاعا على جهود المستقدمين في علم الأصوات العربية و الذين تخصصوا في علم التجويد و ما لهم من مميزات تميزوا بها عن غيرهم من علماء العربية الأقدمين وقد قام علماء التجويد باستخلاص المادة الصوتية من مؤلفات النحويين واللغويين وعلماء القراءة وصاغوا منها هذا العلم الجديد الذي اختاروا له اسم (علم التجويد) , وواصلوا أبحاثهم الصوتية مستندين إلى تلك المادة , وأضافوا إليها خلاصة جهدهم حتى بلغ علم التجويد منزلة عالية من التقدم في دراسة الأصوات اللغوية.
وبالرغم من استناد علماء التجويد على جهود سابقيهم من علماء العربية وعلماء القراءة فقد جاء عملهم متميزا , ولا يمكن أن نعده جزءا من تلك الجهود , وإنما جاء عملا شاملا للدرس الصوتي , أما علماء العربية فقد عالجوا الموضوع في إطار الدرس الصرفي وهو أمر تجاوزه علماء التجويد وذلك بالنظر إلى أصوات اللغة نظرة أشمل من ذلك.
أما علماء القراءة فإنهم كانوا مشتغلين برواية النص القرآني الكريم وضبط حروفه كما نقلتها طبقات علماء القراءة طبقة عن طبقة حتى تنتهي إلى طبقة الصحابة رضوان الله عليهم , الذين تلقوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم
.فأصول علم التجويد وقواعده إذن كانت موجودة في الكلام العربي , يحرص عليها القراء ويعتمدون عليها في قراءتهم وإقرائهم , وإن لم تكن مدونة , شأنها في ذلك شأن قواعد النحو والصرف التي استنبطها علماء العربية في وقت لاحق , فعلم التجويد الذي يدرس النظام الصوتي للغة كان موضوعه تحليل ذلك النظام واستخلاص ظواهره ووضعها في قواعد تساعد المتعلم على ضبطها وإتقانها حين يستخدم اللغة , وهم في ذلك يسيرون على خطى علماء العربية الذين سبقوهم في هذا الميدان.
و قد تناولت عددا من المحاور أجملها في الآتي:
*نشأة علم التجويد
*الفرق بين علم التجويد و علم الأصوات
*وصف أعضاء النطق
* عدد الحروف العربية عند علماء التجويد
*مخارج الحروف و صفاتها
* بعض الظواهر التي تناولها علم التجويد
سائلة المولى القدير التوفيق و السداد و أرجو المعذرة على ما به من قصور و ذلك لضيق الوقت وتشعب الموضوع والله من وراء القصد و هو يهدي السبيل.
نشأة علم التجويد
لم يُعْرفْ مصطلح (التجويد) بمعنى العلم الذي يُعْنى بدراسة مخارج الحروف وصفاتها وما ينشأ لها من أحكام عند تركيبها في الكلام المنطوق إلا في حدود القرن الرابع الهجري, كذلك لم يعرف كتاب أُلِّفَ في هذا العلم قبل ذلك القرن , ومعنى هذا أن علم التجويد تأخر في الظهور علما مستقلا بالنسبة إلى كثير من علوم القرآن وعلوم العربية أكثر من قرنين من الزمان.
وقد جاء في بعض المصادر المتأخرة أن الصحابي عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: " جوِّدُوا القرآن ... " واستند بعض المُحْدثِين إلى هذه الراوية في القول بأن نشأة علم التجويد ترجع إلى عصر الصحابة , وقال: " ولسنا نملك لهذا النوع من الدراسة مادة كافية تسمح بتتبع تطوره ووصف المراحل التي قطعها حتى صار علما مستقلا هو (علم التجويد) , وكل الذي يعرف عن مراحله الأولى أن أول من استخدم هذه الكلمة في معنى قريب من معناها هو ابن مسعود الصحابي الذي كان ينصح المسلمين بقوله: (جوّدوا القرآن وزينوه بأحسن الأصوات) ... ويبدو أن نشأة علم التجويد جاءت استجابة لدعوة ابن مسعود , ومحاولة لتقنين قواعد القراءة اقتفاء لأثره ... " ..
¥