تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما كتب القراءات القديمة التي ترجع إلى القرنين الثاني والثالث فإنه لم يصل إلينا منها شئ يذكر, واقدم كتاب وصل إلينا من كتب القراءات هو كتاب (السبعة في القراءات) لأبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد البغدادي (ت 324 هـ) والذي حققه الدكتور شوقي ضيف , وقد سبق ابن مجاهد في التأليف كما ذكر الدكتور شوقي ضيف , أبو عبيد القاسم ابن سلاّم (ت 224 هـ) صنف كتبه في خمسة وعشرين قراءة , وشيخ ابن مجاهد ألَّف كتابا فيه عشرون واسمه (أبو عبيد القاضي إسماعيل بن إسحاق البغدادي 283) هـ) وابن جرير الطبري (ت 310 هـ) ألف كتابا فيه زيادة عن عشرين قراءة ولو نظرنا في كتاب السبعة لابن مجاهد المطبوع لا نجد أبوابا مستقلة تعالج موضوع الأصوات العربية , وإنما جاءت الملاحظات متناثرة في ثناياه.وقد قام علماء التجويد باستخلاص المادة الصوتية من مؤلفات النحويين واللغويين وعلماء القراءة وصاغوا منها هذا العلم الجديد الذي اختاروا له اسم (علم التجويد) , وواصلوا أبحاثهم الصوتية مستندين إلى تلك المادة , وأضافوا إليها خلاصة جهدهم حتى بلغ علم التجويد منزلة عالية من التقدم في دراسة الأصوات اللغوية.

وبالرغم من استناد علماء التجويد على جهود سابقيهم من علماء العربية وعلماء القراءة فقد جاء عملهم متميزا , ولا يمكن أن نعده جزءا من تلك الجهود , وإنما جاء عملا شاملا للدرس الصوتي , أما علماء العربية ف‘نهم عالجوا الموضوع في إطار الدرس الصرفي وهو أمر تجاوزه علماء التجويد وذلك بالنظر إلى أصوات اللغة نظرة أشمل من ذلك.

أما علماء القراءة فإنهم كانوا مشتغلين برواية النص القرآني الكريم وضبط حروفه كما نقلتها طبقات علماء القراءة طبقة عن طبقة حتى تنتهي إلى طبقة الصحابة رضوان الله عليهم , الذين تلقوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم.

ولا يمكن أن تُعدَّ الكتب التي ألفها القراء في وصف القراءات القرآنية بدءا للتأليف في علم التجويد , لأن علم القراءة وعلم التجويد , وإن كان كل منهما يرتبط بألفاظ القرآن , يختلفان في الموضوع كما يختلفان في المنهج , أما الموضوع فإن علم التجويد لا يعنى باختلاف الرواة بقدر عنايته بتحقيق اللفظ وتجويد , مما لا اختلاف في أكثره بين القراء الرواة , وأما المنهج فإن كتب القراءات كتب رواية , وكتب التجويد جزء من علم الرواية لأنها تقعيد لكيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم , ويطلق عليها البعض كتب دراية. ويجوز إطلاقها من باب التوسع في الألفاظ. وإلا فواعده من مدوده وقلقلته وغناته وأداه الأصل فيها أن رب العالمين أنزله بالتجويد كما ذكر الحافظ ابن الجرزي (لأنه به الإله أنزلا).

ولا يعني تأخر ظهور التأليف في علم التجويد أن القراء كانوا ينطقون القرآن قبل ذلك على غير أصل واضح , كما لا يعنى أن علماء التجويد اختلقوا هذه الأصولا أو ابتدعوها , فالواقع هو أن قراء القرآن كانوا يعتنون غاية الاعتناء بتجويد الألفاظ وإعطاء الحروف حقها منذ عصر الصحابة وهلم جرا حتى عصر ظهور المؤلفات في علم التجويد , وكانوا يستندون في ذلك إلى الرواية الأكيدة والأصول المرعية عند العرب في نطق لغتهم بشرط أن يكون جاءت الرواية بها عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا.

فأصول علم التجويد وقواعده إذن كانت موجودة في الكلام العربي , يحرص عليها القراء ويعتمدون عليها في قراءتهم وإقرائهم , وإن لم تكن مدونة , شأنها في ذلك شأن قواعد النحو والصرف التي استنبطها علماء العربية في وقت لاحق , فعلم التجويد الذي يدرس النظام الصوتي للغة كان موضوعه تحليل ذلك النظام واستخلاص ظواهره ووضعها في قواعد تساعد المتعلم على ضبطها وإتقانها حين يستخدم اللغة , وهم في ذلك يسيرون على خطى علماء العربية الذين سبقوهم في هذا الميدان.

الفرق بين علم الأصوات وعلم التجويد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير