تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما كيف اشتقتها العربية،أبحث أنا وأقعد قاعدة جديدة -إن لم تكن موجودة - ولاأقول بعدم عربيتها

ـ[محمد سعد]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 03:28 م]ـ

مَفْهُوم التَّعْريِب اصْطِلاحَاً عند القُدَمَاء

قال الخليل بن أحمد (ت 175هـ) في مُقَدِّمَة " كتاب العَيْن " عند الحَدِيث عن وُجُود أَصْواتٍ في الجُذُور الرُّبَاعِيَّة والخُمَاسِيَّة وبِها يُسْتَدلُّ على عَرَبِيَّة الكَلِمَة وبِخُلُوِّها مِنْهَا على أََعْجَمِيَّتِها: " فإنْ وَرَدَت عليك كَلِمَة رُبَاعيَّة، أو خُمَاسيَّة مُعَرَّاة من حروف الذَّلََق أو الشَّفَويَّة، ولا يكون في تلك الكَلِمَة من هذه الحُرُوف حَرْف واحد أو اثْنَان، أو فَوْقَ ذلك فاعْلَمْ أنَّ تِلْك الكَلِمَة مُحْدَثة مُبْتَدَعَة، ليْسَت مِنْ كَلام العَرَب؛ لأنك لَسْتَ واجِداً من يَسْمَعُ من كلام العَرَب كلمةً واحدةً رباعيَّة، أو خماسيَّة إلاَّ وفيها من حروف الذَّلَق والشَّفَويَّة واحِدَةً أو أَكْثَر (). وبِهَا اسْتَدَلَّ على أنَّ (دُعْشُوقَة) ليست من كلام العَرَب، وضَرَبَ مَثَلاً بقول الشَّاعر ()

ودُعْشُوقَةٌ فيها تَرَنَّحَ دَهْثَم =تَعَشَّقْتُها ليلاً وتَحْتِي جُلاهِقُ

اقتصر الخليل على المُسْتَوى الصَّوْتي، فكانت نَظْرَتُه للفظ الدَّخِيل نَظْرَة صَوْتِيَّة مَحْضَة، وليس في كلام العَرَب "دُعْشُوقَة ولا جُلاِهق".

وأمَّا سيبويه (ت 180هـ) فقد شَمَلت نَظْرَتُه النَّاحِيتيْن الصَّوْتِيَّة والصَّرْفِيَّة، فتَحَدَّث عن الإِلْحَاق والإِبْدَال تَحْت باب (ما أُعْرِبَ مِن الأَسْمَاء الأعْجَمِيَّة) ومِمَّا يُوَضّحُ مَذْهَبَه قَوْلَه: "اعلمْ أَنَّهُم (أَيْ العَرَب) مِمَّا يُغَيّرُون من الحُرُوف الأَعْجَمِيَّة مَا لَيْسَ من حُرُوفِهم البَتَّة, فَرُبَّما أَلْحَقُوه بِبِنَاء كَلامِهِم, ورُبَّمَا لمْ يُلْحِقُوه، فأَمّا مَا أَلْحَقُوه ببناء كَلامِهِم, فَدِرْهَم, أَلْحَقُوه ببناء هِجْرَع، وبَهْرَج أَلْحَقُوه بسَهْلَب، ودِينار أَلْحَقُوه بدِيمَاس .... فَأَبْدَلوا مكان الحَرْف الذي هو للعَرِبِ عَرَبِيَّاً غيَره, َورُبَّمَا تَرَكُوا الاسم على حَاله إذا كانت حُرُوفُه من حُرُوفهم، وكان على بِنَائِهم أو لَمْ يَكُنْ, نحو: خُرَاسَان (ليس على بِنَاء العَرَبِيَّة) وخُرَّم (على بناء العَرَبِيَّة). ورُبَّمَا غَيَّروا الحَرْف الذي ليس من حروفهم، ولم يُغيِّروه عن بنائه في الفَارِسيّة، نحو فِرِنْد, وبَقَّم، وآجُرُّ،، وجُرْبُز ().

وقول سيبويه " اعلمْ مِمَّا يُغَيّرُون من الحُرُوف الأَعْجَمِيَّة مَا لَيْسَ من حُرُوفِهم البَتَّة " فهو لا يُفْهَم على إطْلاقِه. فما لم يكن من حروفهم البَتَّة غَيَّرُوه دون خِلاف، ولكنَّهم قد يُحَوِّلون بَعضَ الأَصْوات في الكَلِمِ الأَعْجَمِيّ رَغْمَ وجود نَظَائِرها في العَرَبِيَّة حِرْصَاً على تحقيق الانسجام الصَّوْتي، على نحو ما تمَّ في " مُهَنْدِس" حيث أُبْدِلَت السِّيْن من الزَّاي رَغْبَةً في إحداث التَّناسُق مع الصَّوْت المُجَاوِر.

من خلال تعريف سيبويه رأيناه حَدَّدَ مَعالِمَ التَّعْريِب بعد إِقْرارِه الواضح بوجود التَّعْريِب (المُعَرَّب) في اللغة العَرَبِيَّة. فقوله "مِمَّا يُغَيِّرون" يَقْصِدُ بذلك العَرَبَ أنفُسَهُم أَصْحَاب العَرَبِيَّة، زيادة على أنَّ كلمة " يُغَيِّرون" تعني أنَّ الكَلِمَة الأعجَميَّة لا تُصْبِح مُعَرَّبَة (عَرَبِيَّة) إلاَّ بإجراء تَغْيير في حُروفها, إمَّا صوتياً وإمَّا بُنْيَويّاً (صَرْفيَّاً) وعبارة " مَا لَيْسَ من حُرُوفِهم البَتَّة " هو تَأْكيدٌ آخر على حُدوث التَّغْيِير، ولكنها عبارة تَنُصُّ على أنَّ الَّلفْظ المُعَرَّب قد يَحْدُث فيه تَغْيير صَوْتِيّ، إذا تمَّ نُطْق الحُرُوف الأعجَميَّة بما يَتَناسبُ مع المَخَارِج العَرَبِيَّة للحروف العَرَبِيَّة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير