تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد نَصَّ الشيخ طاهر الجزائري (ت 1920م) على أنَّ المُعَرَّب هو نَقْلُ الكَلِمَة من العجمية إلى العَرَبِيَّة " والمُعَرَّب هي الكَلِمَة التي نُقِلَت من الأعْجَمِيَّة إلى العَرَبِيَّة سواء وقع فيها تَغْيير أم لا، غير أنَّه لا يَتَأتَّى التَّعْريِب غالباً إلاَّ بَعْدَ تَغْييرٍ مَا في الكَلِمَة ().

وأمَّا عبد الحميد حسن فيقول: المُعَرَّب: هو الكلمات التي نُقِلَت من الأجنَبيَّة إلى العَرَبِيَّة، سواء وقع فيها تَغْيير أو لم يقع (). وهذا الرَّأيُ يُوافِقُ بَعْض ما جاء عند الشيخ طاهر الجزائري وبَعْض القُدَامى الذين لا يَشْتَرطُون التَّغْيِير والاشتقاق والصَّقْل كسيبويه والجواليقي والخفاجي.

ويُعرِّفُه الدكتور حسن ظاظا بقوله المُعَرَّب: " هو لفظٌ استعاره العَرَبُ الخُلَّصُ في عَصْر الاحتجاج باللُّغة من أُمَّة أُخْرَى، واستعملوه في لسانِهم، مثل: السُّندُس والزَّنْجَبِيل والفُسْطَاط .. " (). وهذا التّعْريفُ استخدمه للتفريق بين المُعَرَّب والدَّخيل، فهو يعرِّف الدَّخيل بقوله" هو لفظٌ أخذته اللغة من لُغَة أُخْرَى في مَرْحَلة من حَياتِها مُتَأَخِرَة من عصور العَرَب الخُلَّص الذين يُحتَجُّ بلسانهم". وهذا التَّفريق المَبْنيُّ على الزَّمنِ لا اعتقدُ صوابَه، وإنَّما مدارُ الأَمْر يَعود إلى طبيعة الَّلفْظ وصورته، إنْ غُيِّرت أم بَقِيَتْ على حالها. وقد قَدَّم مَجْمَع اللغة العَرَبِيَّة بالقاهرة تعريفاً للمُعَرْب جاء في مُقَدِّمَة المُعْجَم الوسيط، المُعَرَّب: "هو الَّلفْظ الأجنبي الذي غَيَّره العَرَب بالنَقص أو الزِّيادة أو القَلْب () وفي مَوْضِع آخر عُرِّف التَّعْريِب بـ: صَبْغ الكَلِمَة بصبغةٍ عَرَبِيَّة عند نقلها بلفظها الأجنبي إلى اللغة العَرَبِيَّة (). وهو الرأي الذي يراه الدكتور مصطفى جواد ().

2 -

المُعَرَّب والمُوَلّد والدَّخيل

صاحب تَعْرِيب الأَلْفَاظ الأعجَميَّة وإدْخَالها إلى اللغة العَرَبِيَّة بَعْض المُصْطَلحات أو المَفاهِيم يَحْسُن الوقوف عليها وَجَلاء الفَرْق بينها.

المُعَرَّب:

لقد عُرِف اصطلاح (مُعَرَّب ودَخيل) في كتابات الُّلغَوِيين القُدَامى، كأبي عُبَيْد القاسم بن سلاَّم (ت224 هـ) وابن قُتَيْبَة (ت 276هـ)، وغيرهم، وعلى الرغم من قِدَم هذين المُصْطَلحين، اللذين وُجِدَا مع بداية التَّصْنيف المُعْجَمي، فإننا لا نَلْمَح تَصَوُّراً واضحاً للتَّفريق بينهما، عند جَمْهَرة علماء العَرَبِيَّة "فاستعمل جُمْهُورهم المُعَرَّب والدَّخيل بمعنى واحد" () وأطلقوه معاً على بَعْض الكلمات الأعجَميَّة، يقول الأزهري (ت 370 هـ): الهِمْيان "دخيل مُعَرَّب" (). وهذا شهاب الدين الخفاجي (ت 1069هـ): يُسَمِّي كتابَه "شِفاء الغَليل فيما في كلام العَرَب من الدَّخيل" إذ سَمَّى طائِفَةً من الكلمات المُعَرَّبة دخيلة، وقد اتَّفَق مَعَه بَعْض المُعَاصِرين مِمَّن ألَّفوا في فقه اللغة على اعتبار المُعَرَّب دخيلاً ().

وإذا كان لفظ "الأَعْجَمِيّ" قد أُطلق ليَحَلَّ مَحَلَّ المُصْطَلحين لعُمُومِيَّتِه، فإن لفظ الدَّخيل أُطْلِق أيْضَاً ليَشْمَلَ ما دَخَل إلى العَرَبِيَّة من غيرها، سواء أكان في عَصْر الاستشهاد أم بعده، ما غُيِّر وما لم يَتَغَيَّر (). أي الأَلْفَاظ التي لم تَخْضَع لمقاييس العَرَبِيَّة وبِنائِها وجِرْسِها، أو التي خَضَعَت.

وهذا التّعْريف لا يُفرِّق بين شِقَيِّ الظاهرة، وأقْصِدُ "ما غُيِّر وما لم يَتَغَيَّر"، ولكننا لا نَعْدَم من القُدَمَاء مَنْ قَصَرَ المُعَرَّب على ما دَخَلَ العَرَبِيَّة وغَيَّره العَرَب، يقول الزَّمَخْشَريُ: "أنْ يُجعَلَ الَّلفْظ عَرَبِيَّاً بالتَّصَرُّف فيه وتَغييره عن مِنْهَاجِه وإجْرَائِه على أَوْجُه الإِعْرَاب" (). وهذا رَأْي الدكتور إبراهيم أنيس، إذ يقول: "وعَمِدَ العَرَب القُدَمَاء إلى بَعْض الأَلْفَاظ، فَحَوَّروا من بُنِيَتها وجَعَلوها على نَسْجِ الكلمات العَرَبِيَّة وسمَّوْها بالمُعَرَّبة وتَركُوا البَعْض الآخر على صُورتِه وسَمَّوْه بالدخيل ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير