والحاصل أن الدليل هو الآية والحديث لا شك لكن من حيث يتوصل بصحيح التأمل فيهما ـ سيما إذا كان المعتقد مما يتوصل إليه بالتأمل لكثرة الاختلاف فيه ـ إلى مطلوب خبري، والمطلوب هنا هو مفهوم الكشف للساق الوارد في الحديث.
ففي المسألة التي نحن فيها وهي كشف الساق وما تدل عليه الآية والحديث اكتفى الإخوة بذكر حديث أبي سعيد الخدري وقول منقول عن ابن مسعود رضي الله عنهما، وهما ليس فيهما ما ينص نصا على ما يعتقده إخواننا ممن يسمون أنفسهم اليوم بـ"أهل الحديث"، بل له مدلولات أخرى متناسقة مع لسان العرب ومع سياق الآية ومع تفسير الحبر ابن عباس لها، ويقويها حديث أبي بردة الذي قيل إنه ضعيف مع أن الحكم عليه بالضعف ليس قطعيا بل قد يرتقي بشواهد إلى درجات أعلى من الصحة، والشواهد متوفرة من لسان العرب الذين نزل القرآن بلغتهم.
وسائر ما ينقل من كلام المشايخ ـ الذين يحتكر لأجلهم لقب السلف الصالح ــ هي اجتهادات علماء كما نبه على ذلك الفاضل الجكني وليست نصوصا متواترة قطعية الثبوت وقطعية الدلالة صادرة من المعصومين ومنقولة من المعصومين، وعلى تقدير توفر تلك الشروط فيها فما بين أيدينا منها ليست نصوصا لا تحتمل إلا معنى واحدا، فمعلوم أن مجرد نسبة الساق إلى الله تعالى لا تدل على أنها نسبة الصفة إلى الموصوف، ولا أن المقصود بالساق هو المعنى المزعوم ظهوره .. فهي تحتمل معاني أخرى صحيحة مليحة اختارها ترجمان القرآن رضي الله عنه وأئمة الحديث كالخطابي والنووي والقرطبي وابن حجر مثلا.
ثم إن لم يكن هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين بارك الله في علمهم فتركوا لنا تفاسيرا عظيمة للقرآن الكريم وشروحا نفيسة لكتب الأحاديث وغير ذلك مما لا يحصى كثرة من المصنفات النافعة إن لم يكونوا على الهدى فليت شعري من المهتدي؟؟؟
وإن كان هؤلاء الأفذاذ الجهابذة قد قلدوا مشايخهم في الاعتقاد بمجرد تحسين الظن فيهم بلا تمحيص فمن منا يدعي أنه في هذا القرن الخامس عشر قد فاتهم علما وتمحيصا ونبذا لتقليد المشايخ فصحت عقيدته وفسدت عقيدتهم؟؟ وليت شعري إذا فسدت العقيدة فما فائدة باقي العلوم؟؟ وكيف يتبحرون في تلك العلوم وهم قد أغفلوا أصل الأصول؟؟ أترى الخطابي مثلا والبغوي مثلا والنووي قد جهلوا عقيدة السلف الصالح أو انحرفوا عنها بقصد أو غير قصد؟؟؟ وهل يقول ذلك إلا من جهل قدرهم. صحيح أن الحق لا يعرف بالرجال، لكن الرجال المذكورين ما صاروا رجالا وخلدوا ذكرهم بكتبهم النافعة إلا باتباع الحق قولا واعتقادا وفعلا.
هذا ما نعتقده في علمائنا الأبرار، والحمد لله أنا لم نضطر لقطع العلاقة مع تراثنا وعلمائنا قرونا طويلة للقفز إلى ما يصطلح عليه اليوم بعقيدة السلف الصالح، متجاهلين طبقات وطبقات من علماء الحديث والتفسير واللغة، بدعوى أنهم ضلوا في العقيدة ولم يتبعوا السلف الصالح، أو بدعوى أنهم قلدوا المنحرفين لأجل تحسين الظن بهم. سبحانك ربنا ما ينبغي لنا أن نقول مثل هذا في ثلة من أفاضل عبادك.
وبالرجوع إلى الموضوع الأصلي، أنتظر من الأخوة الأفاضل بيان أن نسبة الساق في الحديث هو من باب نسبة الصفة إلى الموصوف، بدليل منفصل على مجرد ذكر الحديث أو النقل، أقصد بدليل قاطع من الكتاب أو السنة، أو بفهم منسجم مع لغة العرب والعقل الصحيح. فإذا لم يوجد مثل هذا الدليل، ووجدت وجوه أخرى يقبلها اللسان العربي ولا ينكرها، ويقبلها العقل السليم ولا ينكرها، ومدعومة بتفسير ترجمان القرآن وغيره من الثقات، فكيف يدعى بعد ذلك أن كشف الساق في الحديث لا يحتمل إلى معنى واحدا وهو كشف ساق الله تعالى (التي هي جزء من ذاته لزوما) على ما يفهم ظاهرا عند قوم.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[03 Oct 2008, 01:27 ص]ـ
لا ادري ما وجه هذا الكلام الخارج - بقصد أو بغير قصد - عن القصد؟؟
فلا ننازع كاتب الكلام ولا من " احتكر " لنفسه أهل الحديث ولا غيرهم في مكانة الإمام مالك رحمه الله، فهو " إمامنا" قبل غيرنا، وعرفناه قبل أن نعرف " الأشعرية والسلفية والمعتزلة والجهمية ووووو
فلا أدري ماالمغزى من تذكيرنا - ولم ننس لحظة من هو الإمام مالك - بأنه إمام كبير القدر؟؟؟؟؟
إذا كنت لا تدري ما وجهه فاستفهم الكاتب قبل أن تشرق أو تغرب في فهمه وتكثر من استخدم ما بين هذه "" ولأجل أن تقلل من استخدام علامات الاستفهام.
¥