ثم إليك أختي الكريمة ما يؤكد أن الخلاف ليس في النصوص الشرعية، بل في فهمها. وإليك ما يفيد أن الحمل على الظاهر في كل ما ورد متعلقا بذات الله تعالى وصفاته طريقة مرذولة غير مقبولة، وما يفيد أن أكابر علماء السلف الصالح قد أولوا ما يستحيل حمله على الظاهر ولو مع نفي الكيف كما يعتقد من يسمون انفسهم "أهل الحديث" ويمنعون أفاضل علماء الأمة من ذلك اللقب.
كان من المفترض أن تتأكد من صحتها قبل نشرها فإن الكثير منها مردود لم يصح عن السلف
وسأبين بعض منها وأترك الباقي لغيري لضيق الوقت
نماذج من تأويلات السلف:
* تأويل ابن عباس وغيره للساق بالشدة:
روى ابن أبي حاتم في تفسيره 10/ 3366
(من طريق عكرمة عن ابن عباس انه سئل عن قوله:
يوم يكشف عن ساق قال: إذا خفي عليكم شيء من القران فابتغوه في الشعر فانه ديوان العرب أما سمعتم قول الشاعر.
اصبر عناق انه شر باق قد سن لي قومك ضرب الأعناق
وقامت الحرب بنا على ساق.
قال ابن عباس: هذا يوم كرب وشدة.
قد وضحنا لك أن هذا ليس بتأويل
فالذين فسروها بالشدة رأوا أن الساق في الآية ليست بصفة أصلا
فهي نكرة وغير مضافة، وفسروها على ظاهر ذلك
ولو قرأت ما نقلته من كتاب الإمام ابن مندة لعرفت لماذا ابن عباس رضي الله عنه فسرها بالشدة وليس صفة الساق
راجعها وانظر القراءات المختلفة لهذه الآية لإبن عباس رضي الله عنه
وتعليق الحافظ أبو حاتم عليها.
* تأويل ابن عباس وغيره من السلف الكرسي بالعلم:
في تفسير ابن أبي حاتم 2/ 490
(حدثنا ابو سعيد الأشج، ثنا ابن إدريس، عن مطرف بن طريف عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:
قوله: وسع كرسيه السموات والأرض قال: علمه.
وروى عن سعيد بن جبير، نحو ذلك)
وفي تفسير ابن جرير 3/ 6:
(حدثنا أبو كريب و سلم بن جنادة قالا، حدثنا ابن إدريس، عن مطرف، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:
وسع كرسيه، قال: كرسيه علمه.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا مطرف عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله، وزاد فيه: ألا ترى إلى قوله: ولا يؤوده حفظهما
ثم قال ابن جرير بعد ذلك:
(وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن، فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه أنه قال: هو علمه. وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره: ولا يؤوده حفظهما على أن ذلك كذلك. فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم وأحاط به مما في السماوات والأرض، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما [غافر: 7]، فأخبر تعالى ذكره: أن علمه ومع كل شيء، فكذلك قوله: وسع كرسيه السماوات والأرض.
قال أبو جعفر: وأصل الكرسي العلم. ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب كراسة، ومنه قول الراجز في صفة قانص:
حتى إذا ما احتازها تكرسا
يعني علم، ومنه يقال للعلماء الكراسي، لأنهم المعتمد عليهم، كما يقال: أوتاد الأرض، يعني بذلك أنهم العلماء الذين تصلح بهم الأرض، ومنه قول الشاعر:
يحف بهم بيض الوجوه وعصبة كراسي بالأحداث حين تنوب
يعني بذلك: علماء بحوادث الأمور ونوازلها) اه كلام ابن جرير
هناك أثر صحيح ثابت عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الكرسي بموضع القدمين
فماذا تقول في ذلك؟
وإضافة إلى ذلك، الكرسي ليس بصفة ونحن نتحدث في مسألة الصفات.
هل أول السلف أي من الصفات؟
* تأويل ابن عباس وغيره من السلف الأيدي بالقوة:
في تفسير ابن جرير 11/ 472:
في قوله تعالى (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)
(يقول تعالى ذكره: والسماء رفعناها سقفاً بقوة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك.
حدثني علي قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس:
قوله والسماء بنيناها بأيد يقول: بقوة.
"بأيد" في هذه الآية مصدرها "أيد" والذي معناه القوة
وليس "اليد".
وقد اتفق على ذلك أغلب المفسرين.
قال الرازي صاحب مختصر الصحاح:
¥