تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

، ويضربون في طلبها شرق الأرض وغربها، يحلون بها حلال الله، ويحرمون بها حرامه، ويميزون بها بين الحق والباطل، والسنن والبدع، ويستدلون بها على تفسير القرآن ومعانيه وأحكامه، ويعرفون بها ضلالة من ضل عن الهدى، فمن رغب عنها فإنما يرغب عن آثار السلف وهديهم، ويريد مخالفتهم ليتخذ دينه هواه، وليتأول كتاب الله برأيه خلاف ما عنى الله به. فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى في سبيله، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي بها القوم لأنفسهم إماما، فلعمري ما أنتم أعلم بكتاب الله منهم ولا مثلهم، ولا يمكن الاقتداء بهم إلا باتباع هذه الآثار على ما تروى. فمن لم يقبلها فإنه يريد أن يتبع غير سبيل المؤمنين، وقال الله تعالى: (ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا (4)). فقال قائل منهم: لا، بل نقول بالمعقول. قلنا: هاهنا ضللتم عن سواء السبيل، ووقعتم في تيه لا مخرج لكم منه، لأن المعقول ليس لشيء واحد موصوف بحدود عند جميع الناس فيقتصر عليه، ولو كان كذلك كان راحة للناس ولقلنا به ولم نعد، ولم يكن الله تبارك وتعالى قال: (كل حزب بما لديهم فرحون (5)) فوجدنا المعقول عند كل حزب ما هم عليه والمجهول عندهم ما خالفهم، فوجدنا فرقكم معشر الجهمية في المعقول مختلفين، كل فرقة منكم تدعي أن المعقول عندها ما تدعو إليه، والمجهول ما خالفها، فحين رأينا المعقول اختلف منا ومنكم ومن جميع أهل الأهواء، ولم نقف له على حد بين في كل شيء، رأينا أرشد الوجوه وأهداها أن نرد المعقولات كلها إلى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى المعقول عند أصحابه المستفيض بين أظهرهم، لأن الوحي كان ينزل بين أظهرهم، فكانوا أعلم بتأويله منا ومنكم، وكانوا مؤتلفين في أصول الدين، لم يفترقوا فيه، ولم تظهر فيهم البدع والأهواء الحائدة عن الطريق. فالمعقول عندنا ما وافق هديهم، والمجهول ما خالفهم، ولا سبيل إلى معرفة هديهم وطريقتهم إلا هذه الآثار، وقد انسلختم منها، وانتفيتم منها بزعمكم، فأنى تهتدون؟. واحتج محتج منهم بقول مجاهد: (وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة (6)). قال: تنتظر ثواب ربها. قلنا: نعم، تنتظر ثواب ربها، ولا ثواب أعظم من النظر إلى وجهه تبارك وتعالى. فإن أبيتم إلا تعلقا بحديث مجاهد هذا، واحتجاجا به دون ما سواه من الآثار، فهذا آية شذوذكم عن الحق واتباعكم الباطل، لأن دعواكم هذه لو صحت عن مجاهد على المعنى الذي تذهبون إليه كان مدحوضا القول إليه، مع هذه الآثار التي قد صحت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجماعة التابعين، أولستم قد زعمتم أنكم لا تقبلون هذه الآثار ولا تحتجون بها، فكيف تحتجون بالأثر عن مجاهد إذ وجدتم سبيلا إلى التعلق به لباطلكم على غير بيان؟ وتركتم آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين إذ خالفت مذهبكم، فأما إذا أقررتم بقبول الأثر عن مجاهد، فقد حكمتم على أنفسكم بقبول آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين بعدهم، لأنكم لم تسمعوا هذا عن مجاهد، بل تأثرونه عنه بإسناد، وتأثرون بأسانيد مثلها أو أجود منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه والتابعين ما هو خلافه عندكم. فكيف ألزمتم أنفسكم اتباع المشتبه من آثار مجاهد وحده، وتركتم الصحيح المنصوص من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونظراء مجاهد من التابعين، إلا من ريبة وشذوذ عن الحق. إن الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم، والذي يؤم الحق في نفسه يتبع المشهور من قول جماعتهم، وينقلب مع جمهورهم، فهما آيتان بينتان يستدل بهما على اتباع الرجل، وعلى ابتداعه

ـ[الجشتمي]ــــــــ[05 Oct 2008, 07:44 ص]ـ

و قال الامام الأشعري في المقالات

"ويعرفون حق السلف الذين اختارهم الله سبحانه لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ويأخذون بفضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم صغيرهم وكبيرهم، ويقدمون أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علياً رضوان الله عليهم ويقرون أنهم الخلفاء الراشدون المهديون أفضل الناس كلهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر كما جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأخذون بالكتاب والسنة كما قال الله عز وجل: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول " ويرون اتباع من سلف من أيمة الدين وأن لا يبتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله"

ـ[نزار حمادي]ــــــــ[05 Oct 2008, 11:12 ص]ـ

إخواني الكرام الأعزاء الفضلاء.

أسأل الله تعالى أن يتقبل منا نوايانا الصادقة في فهم أصول ديننا، وأن يغفر لنا إن أسأنا الأدب مع بعضنا البعض، وأن يجمعنا بفضله ومنه وكرمه في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وأن ينزع ما في قلوبنا من غل وأن يجعلنا إخوانا متحابين فيه.

هذه نهاية مطافي معكم في هذا الحديث المهم الخطير، غير أني سأحاول استكماله بشكل مباشر مع فضيلة الشيخ مساعد الطيار حفظه الله تعالى ورعاه وجعل الجنة مثواي ومثواه، فهذا المنتدى كما هو معلوم لا يحتمل كثرة تداخل الأطراف في مثل هذه المسائل، والموضوع بالأصل كما طرحته هو في مسألة معينة بين أطراف معينين.

أما اخي الفاضل العزيز عبد الرحمن، فقد سعدت بمحاورتك، ولعل ما أحب أن تقتنع به أخي الفاضل هو أن رميك لجمهور عريض من أفاضل علماء المسلمين بأفراخ اليونان في العديد من المرات لا يليق يا أخي الحبيب.

وأما أختي الكريمة العقيدة فأشكر سعيك في الدفاع عن معتقداتك لكن العاطفة يا أختي العزيزة لا تكفي، ولا تخول لك اعتقاد أنك ممن تعين في حقهم شرعا القيام بذلك الواجب العظيم.

وأما أخي الفاضل عبد العزيز الداخل فأقول لك يا أخي الحبيب: كثرة مخالفيك ـ وهو جمهور عريض من فحول علماء الإسلام ـ لها مستند قوي، فابحث عنه بتجرد.

أسأل الله تعالى أن يغفر لي ولكم، وأن يجمعنا بمنه وفضله بلا محنة سابقة في جنات النعيم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير