تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الجشتمي]ــــــــ[06 Oct 2008, 12:57 ص]ـ

وأحب ان أضيف أن علم الكلام الذي تعرض للذم كثيراً وللتسفيه واتُهم أصحابه كثيراً واعتُبروا ضلاليين ومارقين ووو ... لم ينشأ هذا العلم إلا لحاجة العصر والواقع آنذاك ولولا الحاجة لما وُجد أصلاً ... لأن الجدل مع من لا يؤمن بالقرآن الكريم والسنة النبوية لا بد أن يبدأ من أصول متفق عليها ولا يوجد أصل متفق عليه إلا العقل فبه يُعرف الوحي وبه يُفهم .. وبعد ذلك عند المؤمنين يتراجع العقل ليأخذ مكانه وراء الوحي

لهذا وضعنا نص الامام الدارمي و هو معاصر لنشأة علم الكلام .... فالامام الدارمي و الامام أحمد و عامة من ذم الكلام من ائمة الصدر الأول لم يذموه لنسبته للعقل بل لاشتماله على اصطلاحات مجملة تضم حقا و باطلا ان نفع حقها في الرد على مقالات الملاحدة و الزنادقة و النصارى ضر باطلها أصول الاسلام و نواميسه ... و لعل اشهر مثال على ذلك هو مناظرة جهم للبوذيين ففي رده يتبين كيف ان تسليم جهم للبوذيين بعض اصطلاحاتهم الصورية من عدم التفريق بين المحدث و المخلوق و تسليمه لهم بعلاقة الحس بالموجود مطلقا من غير تقييد (ما يذكرنا بمدرسة هيوم و تلامذته) ... و غيرها .. كان السبب في احداث فتنة من اضر الفتن التي عرفها المسلمون و ما زال شؤمها الى اليوم و انقلب شره على اصول الاسلام بالانكار من انكار افعال الله ثم صفاته حتى وصل الأمر حين طردت الأدلة الى انكار الوجود و جعله واحدا مع أن جهم بن صفوان لم يكن يقصد ابتداءا الا الدفاع عن وجود الله ضد الحاد البوذيين ... و قد بين الامام أحمد وشيخ الاسلام ابن المبارك و غيرهما الغلط الدقيق الذي وقع فيه جهم و سيتبعه عليه بقية المتكلمين في متابعة اصطلاحات المنطق الصورية و تفرسوا مآلها قبل ظهور الاتحاديين و القرامطة ... مع أنهم لا ينكرون العقل و لا دوره في محاججة الخصم كيف و هم أنفسهم من استخدموه في كتبهم و مناظراتهم-و ليس فقط ملتقى التوحيد:) - و اثنوا على أهل العقول الراجحة ممن كانت لهم حجج عقلية دامغة كداوود و نظرائه ... بل هذا أشهر من حفظ عنه ذم الكلام و أهله الامام الشافعي و قد أرجعوا المرتبة التي وصل اليها الى العقلية الفذة التي كان يتمتع بها حتى وصفه الامام أحمد بأنه فيلسوف مع أن عامة اقرانه تفوقه في الرواية ... و لكن رفضوا أن يأتي احد و يصطلح اصطلاحا من عنده بلا دليل ثم يقول ان هذا الاصطلاح هو العقل و ميزانه و بغيره لا يعرف الصواب العقلي من الخطأ ثم يحكمه في اصول النقل و العقل معا و البينات التي أتى بها الاسلام .. فيقولون له بل هذا عقلك انت و لسنا نقبل منك انه حق بدعواك فقط ... و لعمري لهذا تحرر عقلاني عظيم سبقت به عامة المدارس الوضعية اللاحقة يفخر المرء ان يكون اسلافه بهذه العمق العقلاني مع البعد عن التكلف (وقد بين جمع من المعاصرين كيف ان مثل هذا التحرر هو الذي أدى الى القفزات العلمية الواسعة و آخرهم الأستاذ أبويعرب المرزوقي في دراساته عن ابن خلدون و ابن تيمية و الشاطبي و بسببها اتخذه بعض المتلكمين المعاصرين غرضا) ... وقد أمضوا ما شاء الله من الزمن يفتحون البلدان و يعمرونها و يناظرون المخالفين و يهدي الله على أيديهم من الأمم ما يحصيه الا الله و ما عرفوا اصطلاحات الأورغانون والايساغوجي و التاسوعات و لا رفعوا لها بالا ... فكيف اذن أقنعوا كل تلك الأمم ان كان المنطق اليوناني و هو صلب العقل الكلامي -لتصديقهم لكثرة الدعاوي اليونانية بانهم أول من ابتكر الميزان العاصم للعقل من الزلل مع أن الذي يبدو انهم أيضا تلقفوه عن أمم الضلال قبلهم من الكلدانيين و الفراعنة و الصابئة- هو العقل الوحيد المشترك بين الناس و الذي بدون المرور بقنطرته لا يمكن الوصول الى اصول متفق عليها للحوار؟؟؟ أليست النتيجة المنطقية لمثل هذا القول انهم لم يقنعوا الناس الا بالسيف؟؟؟؟ و من الجهة المقابلة حين تتأمل سير الحضارة بعد دخول هاته الفيروسات في المنظومة المعرفية الاسلامية تجد الفتوحات توقفت و الهمم خارت و كثر التفرق و التحزب والانقسام السياسي التابع للانقسام العقائدي و استقل كل حزب بقطر و استفرد به ما يدلك على انه المقصود بأحاديث اتباع سبيل من قبلنا ... و تطور الأمر حتى أنتجت هذه الفيروسات حين طردت ادلتها نفس مقالات الزنادقة و الملحدين التي استدعيت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير