تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

غيرها ... بينما كان لأئمة السلف تفصيل دقيق عارضوا به هذا و عليه بنوا مذاهبهم في شتى العلوم من فقه و عقيدة و حديث مستنبطين العقل الصحيح و حدوده المعرفية من صميم الكتاب و السنة من أن الوصف بالكفر و الفسق و الضلال على جنس القول أو العمل لا يعني أن الحكم ينسحب بالضرورة على كل أفراده او كل من انتمى الى النوع تصدق عليه أحكامه بل تراعى عدة تقييدات زمكانية و نفسية فليس المتأول كغير المتاول و ليس العالم كالجاهل و ليس من نشأ في بادية بعيدة عن الاسلام كمن نشأ في المدينة المنورة و ليس من له حسنتان كمن له جبال من الحسنات في الدفاع عن الدين و التصنيف فيه مما علمنا ان الحسنات يذهبت السيئات و ليس الانكار على أمثال جهم و المريسي و أهل السنة متوافرون و السنن فاشية و اقوال السلف ما زالت طرية و معلومة كمثل الانكار على من بعدهم بقرون حين عم الجهل و فشت البدع و كثر التفرق و قل العلماء ما يصير معه ما كان واضحا قبلا وضوح الشمس دقيقا صعب التمييز .... و ما كان لا يعذر فيه المخالف اصبح يعذر فيه .... حتى نعود من خلال التدافع الى نشر السنن مرة أخرى و تكثير سواد العلم و العلماء و استجلاب القوة مع عدم كتم العلم و القول به ما أمكن فهذا مقام آخر ... و أطرح مثالا على طريقة آينشتين في التخيل .. لو فرضنا أن احدنا سافر الى ما بعد هذا الوقت بسنين و حضر القرن الذي صح فيهم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: يدرس الإسلام كما يدرس وشيُ الثوب حتى لا يدرى ما صيام، ولا صلاة، ولا نسك، ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها، فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا نسك، ولا صدقة، فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة تنجيهم من النار ثلاثا (و ما اجمل صمت حذيفة رضي الله عنه هنا ما يبين ان القوم كانوا اعلم الناس بالمعقولات لكون النظام العقلاني الاسلامي يفترق عن المنطق الصوري أيضا في هذه الحيثية من عدم الخوض فيما لا طائل وراءه و هذا من العقل خلاف ما يفترضه المنطق الصوري من قدرة مطلقة للعقل على معرفة الحقيقة من حيث هي في جميع مستوياتها) ... فهل سيحق لك تكفيرهم أو الجزم باستحقاق أعيانهم للنار لأن مثل هذه الأصول هي واضحة عندنا الآن نقطع فيها بكفر وضلال من خالفنا فيها؟؟؟ و في الجهة المقابلة هل هذا الاعذار يبرر لك كتم العلم و عدم بيانه و بيان ان ترك الصلاة و الصيام و غيرها كفر و ضلال و و غير ذلك؟؟؟ فالمتأخرون من أئمة الاسلام و ان كثر فيهم الانتساب الى الأشعرية بل و الى الاعتزال و التشيع و غيرها لا يعني انهم ضلال بمجرد انتسابهم او حتى قولهم به .. فبالفعل مخالفتهم للحق هي في نفسها جهل و ظلم و ظن .... و لكن هذا لا يعني انهم جاهلون أو ظالمون "فكل من خالف ما جاء به الرسول لم يكن عنده علم بذلك ولا عدل بل لا يكون عنده إلا جهل وظلم وظن {وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى} وذلك لأن ما أخبر به الرسول فهو حق باطنا وظاهرا فلا يمكن أن يتصور أن يكون الحق في نقيضه؛ وحينئذ فمن اعتقد نقيضه كان اعتقاده باطلا والاعتقاد الباطل لا يكون علما وما أمر به الرسول فهو عدل لا ظلم فيه فمن نهى عنه فقد نهى عن العدل ومن أمر بضده فقد أمر بالظلم؛ فإن ضد العدل الظلم فلا يكون ما يخالفه إلا جهلا وظلما ظنا وما تهوى الأنفس وهو لا يخرج عن قسمين أحسنهما أن يكون كان شرعا لبعض الأنبياء ثم نسخ وأدناهما أن يكون ما شرع قط؛ بل يكون من المبدل فكل ما خالف حكم الله ورسوله فإما شرع منسوخ وإما شرع مبدل ما شرعه الله؛ بل شرعه شارع بغير إذن من الله كما قال: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} لكن هذا وهذا قد يقعان في خفي الأمور ودقيقها باجتهاد من أصحابها استفرغوا فيه وسعهم في طلب الحق ويكون لهم من الصواب والاتباع ما يغمر ذلك كما وقع مثل ذلك من بعض الصحابة في مسائل الطلاق والفرائض ونحو ذلك؛ ولم يكن منهم مثل هذا في جلي الأمور وجليلها؛ لأن بيان هذا من الرسول كان ظاهرا بينهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير