تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتجد عامة أهل الكلام ومن أعرض عن جادة السلف - إلا من عصم الله - يعظمون أئمة الاتحاد بعد تصريحهم في كتبهم بعبارات الاتحاد ويتكلفون لها محامل غير ما قصدوه. ولهم في قلوبهم من الإجلال والتعظيم والشهادة بالإمامة والولاية لهم وأنهم أهل الحقائق: ما الله به عليم ( ... )

الوجه الرابع: أن هذا السؤال لا يختص بهؤلاء بل إثبات جنس هذه الصفات قد اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها من أهل الفقه والحديث والتصوف والمعرفة وأئمة أهل الكلام من الكلابية والكرامية والأشعرية كل هؤلاء يثبتون لله صفة الوجه واليد ونحو ذلك. وقد ذكر الأشعري في كتاب المقالات أن هذا مذهب أهل الحديث وقال: إنه به يقول. فقال في جملة مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث: " جملة مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث: الإقرار بكذا وكذا وأن الله على عرشه استوى وأن له يدين بلا كيف كما قال: {خلقت بيدي} وكما قال: {بل يداه مبسوطتان} وأن له عينين بلا كيف كما قال: {تجري بأعيننا} وأن له وجها كما قال: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}. وقد قدمنا فيما تقدم أن جميع أئمة الطوائف هم من أهل الإثبات وما من شيء ذكره أبو الفرج وغيره مما هو موجود في الحنبلية - سواء كان الصواب فيه مع المثبت أو مع النافي أو كان فيه تفصيل - إلا وذلك موجود فيما شاء الله .. من أهل الحديث والصوفية والمالكية والشافعية والحنفية ونحوهم؛ بل هو موجود في الطوائف التي لا تنتحل السنة والجماعة والحديث ولا مذهب السلف مثل الشيعة وغيرهم ففيهم في طرفي الإثبات والنفي ما لا يوجد في هذه الطوائف. وكذلك في أهل الكتابين - أهل التوراة والإنجيل - توجد هذه المذاهب المتقابلة في النفي والإثبات وكذلك الصابئة من الفلاسفة وغيرهم لهم تقابل في النفي والإثبات حتى إن منهم من يثبت ما لا يثبته كثير من متكلمة الصفاتية ولكن جنس الإثبات على المتبعين للرسل أغلب: من الذين آمنوا واليهود والنصارى والصابئة المهتدين وجنس النفي على غير المتبعين للرسل أغلب: من المشركين والصابئة المبتدعة. وقد ذكرنا في غير هذا الجواب مذهب سلف الأمة وأئمتها بألفاظها وألفاظ من نقل ذلك من جميع الطوائف: بحيث لا يبقى لأحد من الطوائف اختصاص بالإثبات.

ومن ذلك: ما ذكره شيخ الحرمين: أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي في كتابه الذي سماه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول " وكان من أئمة الشافعية - ذكر فيه من كلام الشافعي ومالك والثوري وأحمد بن حنبل والبخاري - صاحب الصحيح -وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه في أصول السنة ما يعرف به اعتقادهم. وذكر في تراجمهم ما فيه تنبيه على مراتبهم ومكانتهم في الإسلام وذكر " أنه اقتصر في النقل عنهم - دون غيرهم - لأنهم هم المقتدى بهم والمرجوع شرقا وغربا إلى مذاهبهم ولأنهم أجمع لشرائط القدوة والإمامة من غيرهم وأكثر لتحصيل أسبابها وأدواتها: من جودة الحفظ والبصيرة والفطنة والمعرفة بالكتاب والسنة والإجماع والسند والرجال والأحوال ولغات العرب ومواضعها والتاريخ والناسخ والمنسوخ والمنقول والمعقول والصحيح والمدخول في الصدق والصلابة وظهور الأمانة والديانة: ممن سواهم ". قال: " وإن قصر واحد منهم في سبب منها جبر تقصيره قرب عصره من الصحابة والتابعين لهم بإحسان باينوا هؤلاء بهذا المعنى من سواهم فإن غيرهم من الأئمة - وإن كانوا في منصب الإمامة - لكن أخلوا ببعض ما أشرت إليه مجملا من شرائطها إذ ليس هذا موضعا لبيانها ". قال: " ووجه ثالث لا بد من أن نبين فيه فنقول: إن في النقل عن هؤلاء إلزاما للحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة فإن أحدهما لا محالة يضلل صاحبه أو يبدعه أو يكفره فانتحال مذهبه - مع مخالفته له في العقيدة - مستنكر والله شرعا وطبعا فمن قال: أنا شافعي الشرع أشعري الاعتقاد قلنا له: هذا من الأضداد لا بل من الارتداد إذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد. ومن قال: أنا حنبلي في الفروع معتزلي في الأصول قلنا: قد ضللت إذا عن سواء السبيل فيما تزعمه إذ لم يكن أحمد معتزلي الدين والاجتهاد ". قال: " وقد افتتن أيضا خلق من المالكية بمذاهب الأشعرية وهذه والله سبة وعار وفلتة تعود بالوبال والنكال وسوء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير