تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الدار على منتحل مذاهب هؤلاء الأئمة الكبار فإن مذهبهم ما رويناه: من تكفيرهم: الجهمية والمعتزلة والقدرية والواقفية وتكفيرهم اللفظية ". وبسط الكلام في مسألة اللفظ إلى أن قال -: " فأما غير ما ذكرناه من الأئمة: فلم ينتحل أحد مذهبهم فلذلك لم نتعرض للنقل عنهم (ثم سرد كلام الكرجي رحمه الله في بيان اندراج مذاهب الأئمة بعضها في بعض ثم بيان مصدره في تفصيل اعتقاد هؤلاء الأئمة و بينا السنة و البدعة ...... ) انتهى كلام الكرجي رحمه الله تعالى. والعجب أن هؤلاء المتكلمين إذا احتج عليهم بما في الآيات والأحاديث من الصفات قال: قالت الحنابلة: إن الله: كذا وكذا بما فيه تشنيع وترويج لباطلهم والحنابلة اقتفوا أثر السلف وساروا بسيرهم ووقفوا بوقوفهم بخلاف غيرهم والله الموفق.

النوع الثاني أن هذا الكلام ليس فيه من الحجة والدليل ما يستحق أن يخاطب به أهل العلم. فإن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد. والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب: لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم. فقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} وقال تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}. فلو كان خصم من يتكلم بهذا الكلام - سواء كان المتكلم به أبو الفرج أو غيره من أشهر الطوائف بالبدع كالرافضة - لكان ينبغي أن يذكر الحجة ويعدل عما لا فائدة فيه إذ كان في مقام الرد عليهم دع (1) والمنازعون له - كما ادعاه - هم عند جميع الناس أعلم منه بالأصول والفروع. وهو في كلامه ورده لم يأت بحجة أصلا لا حجة سمعية ولا عقلية. وإنما اعتمد تقليد طائفة من أهل الكلام - قد خالفها أكثر منها من أهل الكلام - فقلدهم فيما زعموا أنه حجة عقلية كما فعل هذا المعترض. ومن يرد على الناس بالمعقول إن لم يبين حجة عقلية وإلا كان قد أحال الناس على المجهولات كمعصوم الرافضة وغوث الصوفية. فأما قوله: " إن مثل هؤلاء لا يحدثون " فيقال له: قد بعث الله الرسل إلى جميع الخلق ليدعوهم إلى الله. فمن الذي أسقط الله مخاطبته من الناس؟ دع من تعرف أنت وغيرك ممن فضلهم الله ما ليس هذا موضعه. ولو أراد سفيه أن يرد على الراد بمثل رده لم يعجز عن ذلك. وكذلك قوله: " إنهم يكابرون العقول ". فنقول: المكابرة للعقول إما أن تكون في إثبات ما أثبتوه وإما أن تكون في تناقضهم بجمع (1) من إثبات هذه الأمور ونفي الجوارح. أما الأول: فباطل. فإن المجسمة المحضة التي تصرح بالتجسيم المحض وتغلو فيه لم يقل أحد قط: إن قولها مكابرة للعقول ولا قال أحد. إنهم لا يخاطبون؛ بل الذين ردوا على غالية المجسمة - مثل هشام بن الحكم وشيعته - ولم يردوا عليهم من الحجج العقلية إلا بحجج تحتاج إلى نظر واستدلال. والمنازع لهم - وإن كان مبطلا في كثير مما يقوله - فقد قابلهم بنظير حججهم ولم يكونوا عليه بأظهر منه عليهم إذ مع كل طائفة حق وباطل. وإذا كان مثل " أبي الفرج بن الجوزي " إنما يعتمد في نفي هذه الأمور على ما يذكره نفاة النظار فأولئك لا يكادون يزعمون في شيء من النفي والإثبات أنه مكابرة للمعقول؛ حتى جاحدوا الصانع الذين هم أجهل الخلق وأضلهم وأكفرهم وأعظمهم خلافا للعقول لا يزعم أكثر هؤلاء الذين انتصر بهم أبو الفرج: أن قولهم مكابرة للمعقول بل يزعمون أن العلم بفساد قولهم إنما يعلم بالنظر والاستدلال. وهذا القول - وإن كان يقوله جل هؤلاء النفاة من أهل الكلام - فليس هو طريقة مرضية. لكن المقصود: أن هؤلاء النفاة لا يزعمون أن العلم بفساد قول المثبتة معلوم بالضرورة ولا أن قولهم مكابرة للعقل وإن شنعوا عليهم بأشياء ينفر عنها كثير من الناس فذاك ليستعينوا بنفرة النافرين على دفعهم وإخماد قولهم؛ لا لأن نفور النافرين عنهم يدل على حق أو باطل ولا لأن قولهم مكابرة للعقل أو معلوم بضرورة العقل أو ببديهته فساده. هذا لم أعلم أحدا من أئمة النفاة أهل النظر يدعيه في شيء من أقواله المثبتة وإن كان فيها من الغلو ما فيها. ومن المعلوم أن مجرد نفور النافرين أو محبة الموافقين: لا يدل على صحة قوله ولا فساده إلا إذا كان ذلك بهدى من الله بل الاستدلال بذلك هو استدلال باتباع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير