تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الهوى بغير هدى من الله. فإن اتباع الإنسان لما يهواه هو أخذ القول والفعل الذي يحبه ورد القول والفعل الذي يبغضه بلا هدى من الله قال تعالى: {وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم} وقال: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} وقال تعالى لداود: {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} وقال تعالى: {فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون} وقال تعالى: {قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} وقال تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير}. فمن اتبع أهواء الناس بعد العلم الذي بعث الله به رسوله وبعد هدى الله الذي بينه لعباده: فهو بهذه المثابة. ولهذا كان السلف يسمون أهل البدع والتفرق - المخالفين للكتاب والسنة - أهل الأهواء: حيث قبلوا ما أحبوه وردوا ما أبغضوه بأهوائهم بغير هدى من الله. وأما قول المعترض عن أبي الفرج: " وكأنهم يخاطبون الأطفال " فلم تخاطب الحنابلة إلا بما ورد عن الله ورسوله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان الذين هم أعرف بالله وأحكامه وسلمنا لهم أمر الشريعة وهم قدوتنا فيما أخبروا عن الله وشرعه. وقد أنصف من أحال عليهم وقد شاقق من خرج عن طريقتهم وادعى أن غيرهم أعلم بالله منهم أو أنهم علموا وكتموا وأنهم لم يفهموا ما أخبروا به أو أن عقل غيرهم في (باب معرفة الله أتم وأكمل وأعلم مما نقلوه وعقلوه وقد قدمنا ما فيه كفاية في هذا الباب والله الموفق. {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}.

ـ[الجشتمي]ــــــــ[08 Oct 2008, 03:47 ص]ـ

وقد تأول قوم - من المنتسبين إلى " السنة والحديث " - حديث النزول وما كان نحوه من النصوص التي فيها فعل الرب اللازم: كالإتيان والمجيء والهبوط ونحو ذلك ونقلوا في ذلك قولا لمالك ولأحمد بن حنبل حتى ذكر المتأخرون من أصحاب أحمد - كأبي الحسن بن الزاغوني وغيره - عن أحمد في تأويل هذا الباب روايتين؛ بخلاف غير هذا الباب فإنه لم ينقل عنه في تأويله نزاعا. وطرد ابن عقيل الروايتين في " التأويل " في غير هذه الصفة؛ وهو تارة يوجب التأويل وتارة يحرمه وتارة يسوغه. والتأويل عنده تارة " للصفات الخبرية مطلقا " ويسميها الإضافات - لا الصفات - موافقة لمن أخذ ذلك عنه من المعتزلة كأبي علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبان - وكانا من أصحاب أبي الحسين البصري - وأبو الفرج بن الجوزي مع ابن عقيل على ذلك في بعض كتبه مثل " كف التشبيه بكف التنزيه " ويخالفه في بعض كتبه.

والأكثرون من أصحاب أحمد لم يثبتوا عنه نزاعا في التأويل لا في هذه الصفات ولا في غيرها. وأما ما حكاه أبو حامد الغزالي عن بعض الحنبلية: أن أحمد لم يتأول إلا " ثلاثة أشياء ": {الحجر الأسود يمين الله في الأرض} {وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن} {وإني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن} فهذه الحكاية كذب على أحمد لم ينقلها أحد عنه بإسناد؛ ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه. وهذا الحنبلي الذي ذكر عنه أبو حامد مجهول لا يعرف لا علمه بما قال ولا صدقه فيما قال. وأيضا: وقع النزاع بين أصحابه. هل اختلف اجتهاده في تأويل المجيء والإتيان والنزول ونحو ذلك؟ لأن حنبلا نقل عنه في " المحنة " أنهم لما احتجوا عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم {تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف} ونحو ذلك من الحديث الذي فيه إتيان القرآن ومجيئه. وقالوا له: لا يوصف بالإتيان والمجيء إلا مخلوق؛ فعارضهم أحمد بقوله: - وأحمد وغيره من أئمة السنة - فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجيء ثواب البقرة وآل عمران كما ذكر مثل ذلك من مجيء الأعمال في القبر وفي القيامة والمراد منه ثواب الأعمال ( ... ) ه هكذا نقل حنبل؛ ولم ينقل هذا غيره ممن نقل مناظرته في " المحنة " كعبد الله بن أحمد وصالح بن أحمد والمروذي وغيره؛ فاختلف أصحاب أحمد في ذلك. فمنهم من قال: غلط حنبل لم يقل أحمد هذا. وقالوا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير