تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سائلة: أم عبد الله تقول ما الحكمة في أن الآية السابعة والعشرين من آل عمران ختمت بقوله تعالى (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)) فجاء الجواب هنا بالفعل المضارع دون تأكيد وجاء في الآية السابعة والثلاثين في قول مريم عليها الصلاة والسلام (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37))

_ سؤال أم عبد الله سؤال بلاغي ودقيق، يعني هنا (وترزق من تشاء بغير حساب) هذا في دعاء (قل اللهم) والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم و (إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) جاء التأكيد بـ (إنّ) ومثل هذه الأسئلة تحتاح إلى مقدمات مثلاً المشاهد الكريم يجب أن يكون على معرفة بلغة القرآن ويعرف أن (إنّ) تأتي في لغة العرب للتأكيد فـ (إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) فيها تأكيد فما هو تعليقكم على هذا السؤال؟

الدكتور مساعد: الحقيقة أنا أقول إذا ضممت السؤال من الأخ نايف الذي سأل عن الفرق بين الختم والطبع وهذا السؤال من الأنواع الذي يستخرجه التدبر ولا شك أن ضبط مثل هذه القضايا ورصدها وتدوينها أقول أنه مهم جداً لمن أراد أن يتعلم أو أن يستفيد من تفسير القرآن. لو تأملنا السياق والسياق مهم جداً في ضبط هذه الأمور كما ذكرتم أنه خطاب من الله سبحانه وتعالى لمحمد (قل اللهم مالك الملك) نلاحظ كل السياق جاء بالفعل المضارع (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء) إلى أن ختمت بقوله في الآية بعدها (وترزق من تشاء بغير حساب) إذا هنا عندنا أفعال مضارعة متعاطفة فهي إخبارات بالأفعال عن الله سبحانه وتعالى يعني خطاب من العبد لله سبحانه وتعالى فلا تحتاج إلى تأكيد وإنما هو من باب الأخبار. أما لما جاء كلام مريم أمام زكريا عليه السلام وهناك حدث غريب لأنه لو تأملنا قال (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً) هو الآن مكفّل بها لذلك قال (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) إذا من الذي يستطيع أن يدخل عليها غير زكريا؟ لا أحد، فيستغرب زكريا لما يأتي إليها يجد عندها الرزق ولا أحد يدخل عليها غيره فأثار عنده استفساراً استغراباً (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا) قالت (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ) واحتاج الأمر إلى تأكيد فقالت (إن الله يرزق من يشاء من غير حساب) يحتاج للتأكيد هنا لأن الحدث يحتاج إلى تأكيد ففيه غرابة كيف يأتيك الرزق ولا يدخل عليك إلا أنا؟! فنبهت على أنه من عند الله وأن الله يرزق من يشاء بغير حساب وهذا في الحقيقة نوع من الإرهاصات والتمهيدات لما سيحصل لمريم عليها السلام لاحقاً في ولادة عيسى عليه السلام فيما بعد.

دكتور عبد الرحمن: ولذلك من شدة تأثير التأكيد على زكريا عليه السلام أنه قال (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (38))

دكتور مساعد: كأنها فتحت له باب الدعاء نبهته.

هل هذا نذرا فيكون واجبا علينا خدمة البيت:

سائلة: في الآية 35 من سورة آل عمران دعاء أم مريم عليها السلام (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) آل عمران) هل هذا يعتبر نذراً لأن كثير من الأمهات تدعو بهذا الدعاء (رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً) هل هذا نذر فيكون واجباً علينا خدمة البيت؟

الدكتور مساعد: أم مريم وهي امرأة عمران في قولها (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي) هناك فائدة أحب أن ينتبه لها قارئ القرآن حينما تأتي قضايا مرتبطة بالشرائع السابقة ينتبه هل يوجد في شرعنا ما يدل عليها أو لا؟ فالنذر عندنا باب النذر لا يوجد عندنا مثل ما كان موجوداً عندهم أنه يأتي الأب أو الأم وتنذر هذا الطفل الذي في بطنها لخدمة البيت لأنه الآن نذرته لخدمة المسجد الأقصى لخدمة البيت فكان هذا موجوداً عندهم في شريعتهم وليس موجوداً عندنا في شريعتنا.

د. عبد الرحمن: معنى الآية قوله هنا (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي)

د. مساعد: محرراً يعني خالصاً لك، لهذا الغرض، فهي لما وضعتها أنثى أشكل عليها لأن الأنثى لا تشتغل بهذا المقام فقالت (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى) كأنه من باب التحسّب وهناك قراءتان قراءة (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ) وقراءة أخرى (والله أعلم بما وضَعْتُ) وكلاهما قراءتان في النهاية معناهما واحد. (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ (37)) كأن الله سبحانه وتعالى قبِل مريم وهذا أيضاً من الارهاصات في قضية مريم عليها السلام في كون الله قدّر أن تنذر أمها هذا النذر لتكون هي في هذا المكان المنعزل الذي لا يأتيها أحد تخدم بهذا البيت مثل ما ذكرنا في قوله (وكفلها زكريا).

قصة مريم عليها السلام فيها كثير من العبر والعظة:

د. عبد الرحمن: الحقيقة أن في قصة مريم في سورة آل عمران وفي سورة مريم أيضاً فيها عبر كثيرة وعظة خاصة للمرأة المسلمة وأيضاً فيها إيضاح لحقيقة عيسى عليه الصلاة والسلام التي اختلف فيها الأمم الآن يعني هؤلاء النصارى ضلّوا في معرفة حقيقة عيسى عليه الصلاة والسلام في حين التأمل في هذه الآيات يبين لك أنه عبد مخلوق لله سبحانه وتعالى.

يتبع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير