د. عبد الرحمن: أنا أيضاً يظهر لي فائدة دكتور مساعد لا أعلم هل توافقني عليها أم لا في قوله (يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) بعض الناس يأخذ منك مبلغاً من المال ويتركه لأجل غير مسمى وتجلس أنت تنتظر كلما رأيته يمر العام والعامين والثلاثة وأنت تنظر إليه وهو ينظر إليك لا هو رد لك المال ولا أنت في البداية وضعت أجلاً مسمى. أنا أقول في قوله تعالى (إلى أجل مسمى) فيه أدب في الدين أنك تستلف وتقول سأعيده لك في يوم كذا أو بعد سنة أما بعضهم يقول من باب الميانة من عسرك إلى يسرك ويبدو أنه في يسر طيلة العمر.
والشافعي رحمه الله تعالى لما استدان من بعض أصحابه ديناً وقام ليذهب قال له تعال ثم قال له:
أنلني بالذي استقرضت ديناً وأشهد قوماً إذ شاهدوه
فإن الله خلاق البرايا عنت لجلال هيبته الوجوه
يقول إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمى فاكتبوه
ولهذا أحياناً بعض الأحيان يقول بعض من اعتاد على أن يدين الناس بعضهم ما يكتب يقول فصرت أنسى إذا قابلته هل هو رد الدين أو لم يرد الدين يقول فأستحي أن أقول له شيئاً خشية أن يكون معسراً.
لفتة:
د. عبد الرحمن: أنا ظهر لي لفتة يا دكتور مساعد في وجود آية الدين في هذا الموضع. قبلها يتكلم الله سبحانه وتعالى عن الربا (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ (275))
د. مساعد: الصفحة السابقة كلها عن الربا.
د. عبد الرحمن: كلها عن الربا، ثم يقول في آخرها عن الربا (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ (280)) قد يقول قائل كيف أستطيع أن ألبي حاجتي والمال الذي معي لا يكفي؟! ليس إلا اللجوء إلى الربا فيقول الله سبحانه وتعالى لا هناك من الإخوّة بين الناس ما يتسع لقضاء حاجة الناس وتفريج كرباتهم فإذا كان معسراً فأنظِره ثم تكلم الله سبحانه وتعالى فقال (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ (281)) انظر كيف يذكرك بالآخرة ثم ينتقل إلى حل من الحلول التي تفك إعسار المعسر وهو الدين أن يديّن وهذا فيه حثٌّ الحقيقة للموسر وصاحب الغنى أن ييسر على الناس بإقراضهم.
الدكتور مساعد: هذا من كرم النفس صحيح أنه نوع من كرم في المال ولكن لا يمكن أن يخرج هذا الكرم الذي في المال إذا كانت النفس غير كريمة ولذلك تجد البخيل لا يمكن أن ينفق فضلاً عن أن يقوم بتديين الناس وإنظارهم.
معنى قوله تعالى: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ .... إلخ ":
سائل: يقول عن قوله تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) ما معنى هذه الآية؟
الدكتور مساعد: طبعاً هذه الآية نزلت في التدرج في تحريم الخمر وتعتبر الآية الثانية أو الثالثة على حسب الخلاف بين العلماء هل آية النحل (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا (67) النحل) داخلة فمن يرى أن قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى (43) النساء) وهذه الآية الثانية أشارت، في قضية الترتيب عموماً هذه الآية في وسط التدرج أنه إذا لما سألوه عن الخمر أخبر الله سبحانه وتعالى بأن فيه منافع وفيه أيضاً إثم (قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس) إثم كبير ومنافع للناس. طبعاً المنافع واضحة جداً في الخمر والميسر المكسب المالي وفي الخمر قضية ما يحصل للشارب من نشوة وقتية لحظية هذه تعتبر من المنافع وإلا لم شرب الخمر. أيضاً نسيان الواقع يعتبره بعض الناس منفعة. ثم قال (وإثمهما أكبر من نفعهما) ولهذا العاقل لما يقيس بعقله يقول ما دام أن إثمهما أكبر من نفهما إذا أتركها وهذه قاعدة الشريعة في أنه إذا كان الإثم أكبر من النفع فإنه يُجتنب حتى جاءت الآية الثالثة التي دلت على تحريم الخمر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة) هذا نص في التحريم.
¥