تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأساليب إلى أساليب أخرى وأسلوب أعلى وهو أسلوب إقامة الحجة وهذا تميزت به سورة الأنعام. وفي هذه السورة أيضاً فيها إقامة للحجة بطرائق متعددة ومنها الطرائق التي سلكها الأنبياء في دعوتهم لأقوامهم لأنهم كانوا يدعونهم ويقررون عليهم الحجج الحجة تلو الأخرى.

وأسلوب رابع وهو أسلوب دحض الشُبَه وهذا جاء في هذه السورة آيات عجيبة في هذا الباب دحض شبه الكفار (أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192) وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ (195)) هذه الآيات تنسف قضية الشرك وعبادة غير الله نسفاً (أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192)) فهذه الآيات دفعت شبه الكفار في عبادة غير الله فحق كل عاقل بعد هذه الآيات أن يعرف أن هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر فى يعبدها ويعبد الله عز وجل

قصة موسى في سورة الأعراف:

د. عبد الرحمن: ما هي الأشياء التي انفردت بها قصة موسى في سورة الأعراف لأن فصّل ذكر موسى في كثير في سورة طه والشعراء وغيرها لكن ذكر في سورة الأعراف أمور لم تتكرر في غيرها؟

قبل أن نبدأ في قصة موسى وهي جديرة بالوقوف كثيراً أذكر أن الموضوعات كلها التي اشتملت عليها سورة الأعراف جاءت مجملة في أول ثلاث آيات خاصة الآية الثالثة (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (3)) هذه الآية الموجزة تبين من هو الذي يجب أن يتبع ومن هو الذي لا يجب اتّباعه (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ) يعني إتبعوا الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن والسُنة وما اشتمل عليه من العقيدة الصحيحة (وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) فهذه الآية يمكن أن تكون عنواناً لكل ما ورد في السورة لأنه ورد في السورة الكثير من الأشياء مما أنزلها الله فالواجب علينا أن نتبع ما أنزل الله وأن نتبع العقيدة الصحيحة التي جاءت في هذه الآيات.

د. عبد الرحمن: مثل هذه التنبيهات مطالع السور ودلالاتها وارتباطها وبعضهم يلخص السورة كاملة ثم يبدأ

بعض الناظرين للسور ينظرون إلى المطلع يكاد المطلع يكون هو العنوان وحسن المطلع له تأثير كبير في تلقي ما بعده.

قصة موسى عليه السلام التي وردت في هذه السورة يمكن أن تدخل تحت الطريقة التي تناولت بها السورة قضية العقيدة وقضية التأريخ امتازت القصة في سورة الأعراف بذكر تاريخ بني إسرائيل من البداية منذ أن أرسل إليهم موسى عليه السلام وما كانوا عليه من الذل والاستعباد والهوان ثم لما أنجاهم الله عز وجل فذكر الله عز وجل تأريخهم قبل مجيء موسى عليه السلام وبعد مجيء موسى عليه السلام وأوضح في هذه السورة بعض المخازي التي وقعت منهم والأفعال الشنيعة التي تدل على أنهم بلغوا من السوء مبلغاً لم يشترك معهم أحد من الأمم فيه ولذلك لما أنعم الله عليهم من نعم ما أنعم بها على أحد غيرهم في زمانهم وأنجاهم من فرعون الطاغية الذي كان يستعبدهم ويذلهم ويهينهم إهانة ليس لها نظير فنجاهم الله عز وجل بآية عجيبة عظيمة حيث فلق لهم البحر وأغرق هذا العدو هم ينظرون إليه ومباشرة بعد هذه النعم العظيمة (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير