تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يُلحَظ من جو السورة كما يقال أن السورة نزلت في ظروف صعبة كان يعيشها النبي صلى الله عليه وسلم وذكر بعض الباحثين أن هذه السورة نزلت بعد سورة يونس والإسراء بعد موت خديجة وبعد موت موت عمه أبو طالب وهذا لا أستطيع أن أجزم به لكنه ليس ببعيد لأن بدايات السورة تشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعيش حالة من الإحباط – إن صحّت العبارة- جو من اليأس الخانق الذي كان يحيط به عليه الصلاة والسلام مات جمعٌ من أنصاره، تسلط عليه أعداؤه رموه بالعظائم بالسحر والجنون والكذب وغير ذلك فجاءت هذه السورة كلها لتكون سلوى وتثبيت.

د. عبد الرحمن: ربما تكون نزلت في أواسط العهد المكي.

د. عمر: ربما يكون هذا. ولهذا أرى بعد تأمل ومدارسة ومذاكرة وقرآءة في السورة أرى أن السورة هذه تدور حول محور واحد.

محور السورة

د. عمر: أرى أن محور السورة يدور على آية واحدة وهي قوله تبارك وتعالى (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12)) ومن حقك وحق الإخوة المشاهدين أن يطلبوا البرهان وأنا لدي براهين.

د. عبد الرحمن: هاتها. نقول أن المحور (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) نعبّر عنه بماذا؟

د. عمر: هو العمود الفقري للسورة، نعبر عنه بمقصد السورة كان يور على معالجة هذه القضية والحالة التي كان يمر بها النبي صلى الله عليه وسلم. (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ) نقول تثبيت النبي من شدة الإحباط والشدة التي كان يعانيها مرت به هذه الحال. ولاحظ أن قال ضائق ولم يقل ضيق لأنه ضائق عابر، لحظة يأس وأما ضيق فهو ألزم بالصدر من كلمة ضائق، لأن ضيّق كما هو معروف صفة مشبهة بخلاف ضائق إسم فاعل قد يمر لحظات وهذه اللحظات قد تمر على الأنبياء كما أخبر الله سبحانه وتعالى في مواضع المقصود هذه الحال الذي مرت بالنبي صلى الله عليه وسلم وعصفت به فترة من الزمن جاءت هذه السورة برمّتها لتنتشله من هذا الموقع ومن هذه الحال لترفعه إلى علياء العز والفخر وترقيه إلى مقامات الثبات على هذا الحق الذي معك. كيف ذلك؟

أول ما بدأت السورة بالثناء العاطر على هذا الكتاب (الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)) هذه ثناء على هذا الكتاب وكتاب هذه منزلته وهذه صفته خليق أن تتمسك به. ما هي دعوته صلى الله عليه وسلم؟ ما هي الدعوة التي جاء بها هذا الكتاب؟ (أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ) هذه مخالفة للجو الذي أنت تعيشه فهذا ليس بغريب أن تجد ما تجد من العناد والشقاق. ثم حصل استطراد في قضية العلم وليس هذا الاستطراد أجنبياً من الموضوع ولا من السياق ذلك أن في ذلك الاستطراد – إن صح تسميته استطراداً - علم الله الدقيق وتكفله بشؤون الخلق هي رسالة لك يا محمد الله لا يخفى عليه الحال التي تعيشها والذي دبر شؤون الدواب في الأرض والطيور في السماء والأسماك في البحار هو أكرم أرحم سبحانه وتعالى وسيدبر أمرك ويتولى شانك وشأن من معك من المؤمنين وهذا الذي كان. ثم حصل استطراد على بعض مقولات المشركين إتهام بالسحر واستهزاء بالعقائد التي كان يقررها عليه الصلاة والسلام.

يستمر السياق إلى أن تأتي هذه الآية الكريمة التي تؤكد ما أزعمه أنه هو محور السور أن الله عز وجل لم يذكر في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع فقط هذه الآية الكريمة (إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11)) لا يوجد في القرآن آية (صبروا وعملوا الصالحات) إلا في هذا الموضع. بماذا يُشعر هذا؟ يشعر أن هناك حالة يمر بها النبي صلى الله عليه وسلم تحتاج إلى صبر وتحتاج إلأى عمل وستأتي الإشارة إليها في ختام الآية في إقامة الصلاة والصبر، صبر وعمل

د. عبد الرحمن: عادة تأتي آمنوا وعملوا الصالحات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير