تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نوح.

أما دلالة سياق قصة هود على هذا المحور الذي ذكرته أولاً تكرر لفظة بينة (قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ (53)). ثانياً تهمة الجنون وهذه اتُهم به النبي صلى الله عليه وسلم (إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ (54)) حتى التهمة جعلوها تنتقل أصيب بها بسبب أنه عارض الآلهة. الثالثة وهي ملحظ مهم رسالة قوية له عليه الصلاة والسلام قوة التوكل على الله أحياناً الإنسان عندما يصاب بإحباط هو أحوج ما يكون إلى التوكل على الله في كل حال لكن في مثل هذه الأحوال يحتاجها بشكل أكثر. لاحظ أن هود كان يتحدى قومه وهذه آيته التي ربما تخفى أحياناً على بعض الحفّاظ وبعض طلاب العلم ما هي آية هود؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "ما من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله يؤمن عليه البشر" فأين آية هود؟ لو تأملت لم تجد شيئاً صريحاً آيته الواضحة أنه كان يتحدى قومه وهو وحده ويقول لهم بقوة (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55)) لا تنظرون ولا ثانية واحدة، تحداكم، لماذا؟ (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم) أتحداكم ما يمكن أن يصيبني منكم أذى إلا إذا أذن الله به (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56))

كذلك نلاحظ في قصة صالح تكرر لفظ بينة (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي (63))، آية صالح كانت مبصرة يدركها كل عاقل بل كل ناظر، خروج ناقة من صخرة صماء هذه لا يكفر بها إلا معاند قال الله تعالى (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) بينة واضحة جداً أبرزها (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا (59) الإسراء) أبرزها لأنها آية لا تحتاج إلى تفكير ولا تأمل ولا اطلاع ولا شيء، ناقة تخرج من صخرة ويُكفر بها؟! هذا ليس فيه فائدة. في قول قوم صالح (قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا (62)) ألم يقلها كفار قريش للنبي عليه الصلاة والسلام؟ بلى، إذن قد قيلت لمن قبلك، ما توقعنا منك أن تأتي بدين جديد وتسفه الآباء والأحلام، ما قيل لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك.

إذا انتقلنا إلى قصة إبراهيم نلاحظ أنه بدأت القصص التي تشحذ الهمة في الفرج التنبشير، قصة إبراهيم فيما يتعلق ببشارته بولده بسطت في سورة الذاريات لكن هنا بسطت القصة بشكل أكبر، المرأة قائمة وبشرت بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب، بعد الشدة واليأس يأتي الفرج، المقصد إذا كنت تعيش حالة يأس أو إحباط هذه لا تدوم إبراهيم طالت مدة حياته ما رُزِق بشيء ثم يبشر بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب الفرج إذا جاء لا حدّ له

ننتقل إلى قصة لوط وأنا أزعم أن مظاهر الإحباط في هذه القصة أشد بشكل كبير، إذا قرأتها في سورة الحجر لا تجد فيها هذا الجو من الإحباط الذي تجده في سورة هود، نلاحظ هذا من العبارات التالية (وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ (78)) ثم بعد ذلك يأتي التطمين من قبل الملائكة الذي يضخ الأمل في نفس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قوله (قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ (81)) الذي منع لوطاً من أن يوصل إليه بواسطة الرسل قادر على أن يمنعهم أيضاً منك لن يصلوا إليك، ربك ورب لوط واحد والرسل الذين أرسلهم الله إلى لوط يرسلهم الله إليك فلا تسأل عن التفاصيل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير