تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم يأتي ذكر قصة العقاب الذي لم لم يُعهد مثلها في الأمم وهذا فيه نوع من التطمين (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82)) على أي القولين فسرت المقصود أنها نموذج جديد من أنواع العقاب أيضاً لا تفكر كيف سيعاقب قومك الله له ملك السموات والأرض.

إذا انتقلنا إلى قصة خطيب الأنبياء شعيب عليه الصلاة والسلام نجد أيضاً لغة الاستهزاء واضحة وبينة جداً يسمع النبي صلى الله عليه وسلم مثلها كثيراً. قال قوم شعيب (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء (87)) يعني أنت تدخلت في جانب العبادة والجانب الاقتصادي، ما تركت شيئاً إلا وتدخلت فيه (إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) حتى هذا فيه سخرية. ثم مع كونه فصيحاً حتى كان يسمى خطيب الأنبياء قال له قومه (مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ (91)) أنت فصيح ويعرف قومك فصاحتك فلا تستغرب أن توصف بالكذب أو بغير ذلك قد سبقت إلى هذا فكُذِّب من سمي بخطيب الأنبياء وهو شعيب. وضُمنت هذه القصة رسالة عظيمة ينبغي أن تكون منارة لكل داعية وأن تكون قاعدة في حياته (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ (88)) هذا المطلوب منك يا محمد أنت مقصودك الإصلاح ما استطعت لا تُكلَّف نفس إلا وسعها ففي مقام الدعوة لا يكلف الإنسان كم عدد الذين استجابوا لك لكن تكلف ماذا بذلت وما هي الأساليب التي طرقت أما من يستجيب فهذا ليس لك وسيأتي النبي وليس معه أحد ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان. أيضاً ألحظ في التنصيص على الرهط معنى يرتبط بالمحور الذي ذكرناه (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ)، قوم شعيب قالوا (وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ (91)) أنت إلتفت يا محمد ألم يقيد الله عز وجل لك يا محمد من ينصرك ويتعصب لك مع أنه ليس على دينك؟ بلى، إحمد الله أنت في نعمة الآن إذا قستها بأناس لا يجدون نصيراً لا من قريب ولا من بعيد ومع ذلك (وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ) فكأن القصة تكررت مع النبي عليه الصلاة والسلام.

في قصة موسى مع كونها ذكرت اختصاراً إلا أنه جاء ملمح عظيم فيها وقال الله عز وجل بعدها (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ (110)) الذين تبعوا موسى هم أهل كتاب ومع هذا اختلفوا عليه أفتظن أنت أن المشركين أسعد حظاً بالاتفاق؟ لا، هؤلاء أهل كتاب وعندهم أثر من علم ومع ذلك وحصل اختلاف وحصل وهم أهل كتاب فالمشركون من باب أولى. ويقال له موسى أوتي تسع بينات ومع ذلك حصل له ما حصل من الكفر والعناد والتجبر والأذى الذي حصل لبني إسرائيل فانتظر هذه سٌنة الله ماضية

بعد هذا الحشد الكبير من القصص يأتي التعقيب بثلاثة رسائل واضحة متصلة أيضاً بالمحور الرئيسي الذي ذكرناه (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ):

الرسالة الأولى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ (112)) لم يقل الله عز وجل فاستقم حسب استطاعتك لأن هذا مفهوم لكن فيه نوع من العتاب ونوع من الأمر الواضح الصريح الذي يقال له إنتبه قضية التفكير بالترك مع أنه صلى الله عليه وسلم لن يتركها لكن هذا إشعار بالحالة الذي كان يمر بها (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) ما أشدها من آية! ليس هناك خيار تتأخر وتقول أستقيم حسب نشاطي، لا، (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ). (وَمَن تَابَ مَعَكَ) مُرهم أيضاً بذلك يستقيموا. (وَلاَ تَطْغَوْاْ) مع الأمر بالإستقامة تنهون أنتم عن الغلو أو المجافاة للمطلوب شرعاً والنهي عن الركون إلى المشركين (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ (113))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير