تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الرسالة الثانية هي رسالة مهمة لكل داعية سواء أصيب بإحباط أم لم يصب بإحباط وهي من أعظم الزاد في الطريق وهي أن يكون لكل داعية نصيب من التعبد الخاص صلة بالله عز وجل (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)) هذه العبادة هي مثمرة وتورث الإنسان الفائدة الثانية وهي (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)) إن من تعلق بالله عز وجل وقويت صلته بالله وكان حسن الصلة وقت الرخاء لا يخذله وقت الشدة وسيكون في قلبه من القوة أكثر من قلب الإنسان الذي كانت علاقته وتعبده مع الله ضعيفاً فإذا جاء وقت الشدة ضعف عن التحمل.

أما الرسالة الثالثة تذكيره عليه الصلاة والسلام بسنن الله الماضية في الأقوام وفي الأمم في قوله عز وجل (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)) وقبلها (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (116))، السُنة هي (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) قضى الله أن يكون فيهم من هو على الحق ومن هو على الباطل منهم من يتبع الرسالات السماوية ومنهم من يتبع حجر وشجر ونار، قضى الله عز وجل (إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ (119)) هذه فيها سلوى من اتبع هذا الوحي فهو مرحوم ومن لم يتبعه فقد خرج من دائرة الرحمة بل أقول خرج من رحمة الله عز وجل التي وسعت كل شيء والعياذ بالله وهذا غاية ما يكون من الهلاك ومع هذا الاستثناء يشعر بقلتهم لكن هم أهل رحمة الله عز وجل.

بعد هذا التعقيب كله يختم المطاف برابط عظيم بالآية الأولى وهي لماذا قصصنا عليك هذا القصص؟ من باب التسلية؟ لا والله، (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ (120)) هذه حِكَم ينبغي أن ننتبه لها، وأقول لكل داعية شعر بفتور في دعوته أو إنسان يحمل مشروعاً إصلاحياً يستضيء بنور الوحي وينطلق من مشكاة الرسالة إقرأ سورة هود كلما ضعفت وكلما فترت إقرأها لتراجع مقاصدك وأهدافك في ضوء الوحي. هذه السورة قص فيها الله عز وجل ليقول للرسول عليه الصلاة والسلام (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) إذن من أعظم فوائد قص القصص تثبيت القلب خاصة في هذا الزمن الذي كثر فيه التقلب والتلون (وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ (120)) لاحظ التنويه بهذه السورة على القول الراجح أن المقصود بها سورة هود مع أن القرآن كله حق لكن هذه السورة لها سياق آخر وجو آخر. (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) نحن بحاجة للتذكير يفتر الإنسان منا، أنت تحمل مشروعاً فلان يحمل مشروع لكن تأتيه لحظات فلان تخلى عنه قصّر معه، قصرت عليه النفقة أصابه أشياء معينة أحياناً قد تجعل الموضوع لا يقف بل يتعثر، هنا نقول لك راجع سورة هود مرة ثانية واقرأ قوله (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) ما مشروعك؟ إن كان حقاً فاستمر ولا تجعل هذه الأشياء العارضة التي تمر بك سبباً في توقف مشروعاتك، نعم الفتور يعرض والبطء قد يعرض لكن التوقف لا يعرض أبداً لداعية الحق لأن الدعوة تجري معه كما يجري الدم في العروق

د. عبد الرحمن: فتح الله عليك. ربط رائع جداً وفعلاً جو السورة يوحي بهذا المقصد وهو نثبيت النبي صلى الله عليه وسلم حتى سياق القصص القرآني في السورة كأنه مسوق للتثبيت فقط

د. عمر: جداً أنا أدعو الإخوة الكرام أن يتأملوا جيداً في سياق القصص التي قصها الله عن هؤلاء الأنبياء وليقارنوها بالمواضع الأخرى التي وردت فيها نفس، ما الحكمة أن يبسط قصة نوح هذا البسط المتوقع أن ينتقل إلى سورة نوح التي سميت بإسمه لكنه لم يقع ذلك لماذا؟ وما علاقة هذا بالمقصد؟، ولينظروا قصة شعيب وينظروا علاقة هذه بالدعوة، علاقتها برفع الضائقة التي يمر بها الإنسان، وعلاقة هذه في التثبيت، واقول إذا لم يجد الإنسان تثبيتاً بعد أن يقرأ سورة هود فقراءته فيها نظر.

د. عبد الرحمن: صحيح ليس كل من يقرأ قراءته بنفس الروح التي تتحدث بها الآن، الواحد إذا كان لا يعرف متى نزلت هذه السورة وأنت ذكرت في بداية حديثك أنها نزلت في ظروف قاسية كان النبي صلى الله عليه وسلم أحوج ما يكون للتثبيت فعندما تستحضر هذه الحقيقة وأنت تقرأ السورة ستقرأها بمنظور آخر

د. عمر: والمعنى العام الذي دلت عليه السورة والمحور الذي كنا ندور عليه فيه تطمين إذا كان هذا العارض الذي يمر بصفوة الخلق وسادات البشر وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام فلأن يمر بأتباعهم من باب أولى وتكون هذه سلوى لأن الإنسان إذا شعر بوجود بعض العقبات قد، لا، لا تتوقف يا أخي ما دمت تعتقد أن مشروعك صحيح ورسمت أهدافك والرؤية عند واضحة والرسالة بينة فلا تتوقف كونك تراجع لتستعيد النشاط وتفكر في طرق أخرى للنهوض بمشروعك هذه كلها مطلوبة أما التوقف فلا يليق بالدعاة ولا يليق بمن يحمل رسالة إصلاحية تستظل بمظلة الوحي.

د. عبد الرحمن: فتح الله عليك. إذن نقول للمشاهدين إقرأوا سورة هود إذا أردتم الثبات على هذا الدين اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت هذه السورة مثبتة له عليه الصلاة والسلام.

سؤال الحلقة

في الجزء الحادي عشر آية عرّف الله فيها للمؤمنين سبيل النجاة من عقابه، فأمرهم بالتقوى والصدق.

قال كعب بن مالك رضي الله عنه: فو الله ما أعلم أحدا أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني، ما تعمّدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذباً. فما هي هذه الآية وفي أي سورة وردت؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير